نام کتاب : تفسير ابن عربي نویسنده : إبن عربي جلد : 1 صفحه : 33
وأما أهل العفو الذين خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً ، وهم قسمان : المعفو عنهم رأسا لقوة اعتقادهم ، وعدم رسوخ سيئاتهم لقلة مزاولتهم إياها ، أو لمكان توبتهم عنها . فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات ، والمعذبون حيناً بحسب ما رسخ فيهم من المعاصي حتى خلصوا عن دون ما كسبوا ، فنجوا وهم أهل العدل والعقاب ، والذين ظلموا من هؤلاء سيصيبهم سيئات ما كسبوا . لكن الرحمة تتداركهم وثلاثتهم أهل الآخرة . والسابقون إما محبون وإما محبوبون ، فالمحبون هم الذين جاهدوا في الله حق جهاده ، وأنابوا إليه حق إنابته ، فهداهم سبله . والمحبوبون هم أهل العناية الأزلية - الذين اجتباهم وهداهم إلى صراط مستقيم . والصنفان هما أهل الله ، فالقرآن ليس هدى للفريق الأول من الأشقياء لامتناع قبولهم للهداية لعدم استعدادهم ، ولا للثاني لزوال استعدادهم ومسخهم وطمسهم بالكلية بفساد اعتقادهم ، فهم أهل الخلود في النار إلا ما شاء الله . فبقي هدى للخمسة الأخيرة الذين يشملهم المتقون ، والمحبوب يحتاج إلى هداية الكتاب بعد الجذب والوصول لسلوكه في الله لقوله تعالى لحبيبه : * ( كذلك لنثبت به فؤادك ) * [ الفرقان ، الآية : 32 ] ، وقوله : * ( وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فوادك ) * [ هود ، الآية : 120 ] والمحب يحتاج إليه قبل الوصول والجذب وبعده لسلوكه إلى الله وفي الله . فعلى هذا ، المتقون في هذا الموضع هم المستعدون الذين بقوا على فطرتهم الأصلية ، واجتنبوا رين الشرك والشك لصفاء قلوبهم وزكاء نفوسهم ، وبقاء نورهم الفطري ، فلم ينقضوا عهد الله . وهذه التقوى مقدمة على الإيمان ، ولها مراتب أخرى متأخرة عنه كما سيأتي إن شاء الله . * ( الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ) * * ( الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ) * أي : بما غاب عنهم الإيمان التقليدي ، أو التحقيقي العلمي ، فإن الإيمان قسمان : تقليدي وتحقيقي . والتحقيقي قسمان : استدلالي وكشفي ، وكلاهما إما واقف على حد العلم والغيب ، وإما غير واقف . والأول هو الإيقان المسمى علم اليقين . والثاني : إما عيني ، وهو المشاهدة المسمى عين اليقين ، وإما حقي ، وهو الشهود الذاتي المسمى حق اليقين . والقسمان الأخيران لا يدخلان تحت الإيمان بالغيب ، والإيمان بالغيب يستلزم الأعمال القلبية التي هي التزكية ، وهي تطهير القلب عن الميل إلى السعادات البدنية الخارجية ، الشاغلة عن إحراز السعادة الباقية . فإن السعادات ثلاث : قلبية ، وبدنية ، وما حول
33
نام کتاب : تفسير ابن عربي نویسنده : إبن عربي جلد : 1 صفحه : 33