أمّا الرواية الأُخرى للحديث ، الّتي يرويها عبد الرحمن بن حميد الزهري ، عن أبيه حميد ، عن عبد الرحمن بن عوف تارة ، وعن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أُخرى ( 1 ) ، فهي لا تصحّ أيضاً ; لأنّ هذا الإسناد باطل لا يتمّ ، نظراً لوفاة حميد بن عبد الرحمن - وهو ليس صحابياً وإنّما كان من التابعين - سنة 105 ه ( 2 ) عن 73 عاماً ، وهذا يعني أنّه مولود سنة 32 ه - ، أي في سنة وفاة عبد الرحمن بن عوف أو بعدها بسنة ، ولذلك يرى ابن حجر رواية حميد عن عمر وعثمان منقطعة قطعاً ( 3 ) ، وعثمان قد توفّي بعد عبد الرحمن بن عوف . أمّا بقيّة الآيات الكريمة الّتي جاء بها الكاتب ليستدلّ بها على صلاح الصحابة جميعاً فهي ممّا لا يتمّ بها المطلوب مطلقاً . . قال الكاتب : " ووعدهم - أي الصحابة - جميعاً بالجنّة ، الّذين آمنوا من قبل الفتح والّذين آمنوا من بعده ، فقال سبحانه : { لاَ يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ ا لْفَتْحِ وَقَتَلَ أوْلَئكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِن الَّذِينَ أَنفَقُواْ مِن بَعْدُ وَقَتَلُواْ وَكُلاّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى } الحديد - 10 ، والله لا يخلف الميعاد ، هو القائل : { إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِنَّا الْحُسْنَى أوْلَئكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ * لاَ يَسْمَعُونَ
1 - انظر : سُنن الترمذي 5 / 311 ، مسند أحمد 1 / 193 ، أُسد الغابة 2 / 307 . 2 - كما اختاره : أحمد ، والفلاس ، والحربي ، وابن أبي عاصم ، وابن خياط ، وابن سفيان ، وابن معين ; انظر : تهذيب التهذيب 3 / 41 . 3 - تهذيب التهذيب 3 / 46 .