في المجال الإلهي ، ومنها : عادل وسليم ، له وجود في ذلك المجال . فالشفاعة المنحرفة وغير الصحيحة هي الّتي تكسر القانون وتتناقض معه ، أمّا الشفاعة الصحيحة فهي الّتي تحفظ القانون وتؤيّده ، فالشفاعة المنحرفة تحاول تعويق القانون عن طريق الوساطة ، وهي تحفظ المجرم من تطبيق القانون عليه بالتوسّل بالوساطة على الرغم من القانون ومن واضعه ; لهذا فإنّ هدف القانون إذا طُبِّقت فيه هذه الشفاعة يمسي لغواً . وهذه الشفاعة في الدنيا ظلمٌ ، وفي الآخرة مستحيلة . والاعتراضات أو الإشكالات الّتي يوردها الوهّابيّون وأتباعهم تتّجه إلى هذا اللون من الشفاعة ، وهي شفاعة مرفوضة من القرآن الكريم . أمّا الشفاعة المقبولة والصحيحة فهي شيء آخر ، ليس فيها ترجيح ولا استثناء ، ولا نقض للقوانين ، ولا تستلزم قهر إرادة واضع القانون ، وهذا اللون من الشفاعة أيّده القرآن الكريم ونصّ عليه ( 1 ) . وقد ورد عن النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قوله - كما في صحيح البخاري وغيره - : " أُعطيت خمساً لم يعطَهنّ أحد قبلي : نصرت بالرعب مسيرة شهر ، وجعلَت لي الأرض مسجداً وطهوراً ، فأيّما رجل في أُمّتي أدركته الصلاة فليصلّ ، وأُحلّت لي الغنائم ولم تحلّ لأحد قبلي ، وأُعطيت الشفاعة ، وكان النبيّ يُبعث إلى قومه خاصّة وبعثت إلى الناس عامّة " ( 2 ) . روى الديلمي في فردوسه ، والسيوطي في الجامع الصغير : عن أبي هريرة : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " الشفعاء خمسة : القرآن ، والرحم ،
1 - راجع كتابنا : حقيقة الوهّابية 1 / 230 - 231 . 2 - صحيح البخاري 1 / 86 كتاب التيمّم ، صحيح مسلم 2 / 63 ، سُنن النسائي 1 / 209 .