ويقول عبد الحميد الكاتب : حفظت سبعين خطبة من خطب الأصلع ففاضت ثمّ فاضت . ويقول ابن نباتة : حفظت من الخطابة كنزاً لا يزيده الإنفاق إلاّ سعة وكثرة ، حفظت مائة فصل من مواعظ عليّ بن أبي طالب . ولمّا قال محفن بن أبي محفن لمعاوية : جئتك من عند أعيا الناس ! - يعني عليّاً - قال له : ويحك ! كيف يكون أعيا الناس ؟ ! فو الله ما سنّ الفصاحة لقريش غيره . ثمّ قال ابن أبي الحديد : ويكفي هذا الكتاب الّذي نحن شارحوه دلالة على أنّه لا يُجارى في الفصاحة ، ولا يُبارى في البلاغة ، وحسبك أنّه لم يدوّن لأحد من فصحاء الصحابة العُشر ، ولا نصف العُشر ممّا دُوّن له ، وكفاك في هذا الباب ما يقوله أبو عثمان الجاحظ في مدحه في كتاب البيان والتبيين وفي غيره من كتبه ( 1 ) . ويقول الشيخ محمّد عبده ( 2 ) : وليس في أهل هذه اللغة إلاّ قائل
1 - يراجع لما سبق : شرح نهج البلاغة - لابن أبي الحديد - 1 / 24 - 25 . 2 - الشيخ محمّد عبده بن حسن خير الله من آل التركماني : مفتي الديار المصرية ، ومن كبار رجال الإصلاح والتجديد ، ولد سنة 1266 ه - 1849 م في " شنرا " في مصر ، وتوفّي سنة 1323 ه - 1902 م . تقلّد عدّة مناصب بالدولة ، في التدريس ، ثمّ القضاء ، ثمّ مستشاراً في محكمة الاستئناف ومفتياً للديار المصرية . شارك في مناصرة الثورة العرابية ، وسجن على أثرها ثلاثة أشهر ، ونفي إلى بلاد الشام ، أصدر جريدة " العروة الوثقى " مع صديقه وأُستاذه جمال الدين الأفغاني . له عدّة مؤلّفات ، منها : تفسير القرآن الكريم ، تعليقة على نهج البلاغة ، رسالة الواردات في الفلسفة والتصوّف ، شرح مقامات البديع الهمداني . . . وغيرها . راجع : الأعلام 7 / 131 ، معجم المؤلّفين 1 / 272 ، في الأدب الحديث - لعمر دسوقي - : 227 - 256 .