كائن ، فلماذا يسأل إذا كان كذلك ؟ " ( 1 ) . أقول : إنّ المعنى الوارد في الرواية يطابق تماماً ما نقلناه سابقاً عن الطبراني في المعجم الكبير ، والرافعي في المسند ، وما ذكره المتّقي الهندي في كنز العمّال ، إلاّ أنّ الّذي غاب عن الدليمي إدراكه هنا بأن ليس كلّ استفهام يرد في الكلام يكون المراد منه طلب العلم بمجهول ، فالاستفهام قد يرد لمطالب وغايات كثيرة غير طلب العلم والمعرفة ; كما هو مفصّل في علم البلاغة . قال الهاشمي في جواهر البلاغة : وقد تخرج ألفاظ الاستفهام عن معناها الأصلي ( وهو طلب العلم بمجهول ) فيستفهم بها عن شيء مع ( العلم به ) ; لأغراض أُخرى تُفهم من سياق الكلام ودلالته . ومن أهمّ ذلك : 1 - الأمر ; كقوله تعالى : { فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ } ، أي : انتهوا . 2 - النهي ; كقوله تعالى : { أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ } ، أي : لا تخشوهم ! فالله أحقّ أن تخشوه . . . إلى آخر الأغراض ، الّتي عدّ منها الهاشمي في كتابه ما يقرب من عشرين غرضاً ، ك - : التسوية ، والنفي ، والإنكار ، والتشويق ، والاستئناس ، والتقرير ، والتهويل ، وغيرها ( 2 ) . . . فهل يستطيع أحد أن يقول : إنّ المراد من الاستفهام الوارد في الآية