أورده منهل الحقّ وإن كان كارهاً " ( 1 ) . وفي ختام هذا الفصل أقول : لو أنّ الدليمي عند استشهاده بالنصوص كان يذكر كلام الإمام ( عليه السلام ) بتمامه ، لأدرك القارئ لكتابه مراد الإمام منه ، ولكنّه كان يقتطع النصوص اقتطاعاً ، ويقدّمها لقارئه مبتورة مشوّشة بشكل يساعد على تضييع الحقيقة منها ، ويحقّق غرضه الّذي يصبو إليه في نفسه . . الأمر الّذي يجعل مثل هذه الطريقة ناقصة ، لا تنم عن قدرة متكاملة في البحث والتدقيق ; فإنّ للكلام قرائن مقالية ، وقرائن حالية ، ودلائل خارجية ، وأساليب بلاغية ، يتعرّض لها المتكلّم في كلامه ، ينبغي للباحث في كلام المتكلّم أن يكون ملّماً بها ، ومطّلعاً عليها ليكون بحثه تامّاً وافياً ، نافعاً لنفسه ولغيره ( 2 ) . وهذه الطريقة في الكتابة عند الدليمي تذكّرني بطريقة كاتب آخر لعلّ الدليمي كان يقتفي أثره ويسير على خطاه ، وهو الكاتب الباكستاني إحسان إلهي ظهير ، الّذي كان يقتطع النصوص اقتطاعاً ويقدّمها لقارئه مبتورة مشوّشة على طريقة : { ويلٌ للمصلّين } ، لم تكتمل جُملها ، ولم يتبيّن
1 - نهج البلاغة - تعليق الشيخ محمّد عبده - 2 / 19 . 2 - ولا أظنّ أنّ الدليمي أكثر علماً أو أكبر شأناً من ابن أبي الحديد ، علاّمة المعتزلة ، أو الشيخ محمّد عبده ، شيخ الجامع الأزهر في زمانه ، اللّذين شرحا النهج وبيّناه للناس ، فارجع إلى شرحيهما تجد مقدار عنايتهما بالقرائن المقالية والحالية ، واهتمامهما بملاحظة الأساليب البلاغية من أجل سبر كلام الإمام ( عليه السلام ) وفهم المراد منه .