- في ما بعد - أن يكونوا في مساواة مع غيرهم ، فلو تناولهم العدل انفلتوا منه ، وطلبوا طائشة الفتنة ; طمعاً في نيل رغباتهم ، وأُولئك هم أغلب الرؤساء في القوم ، فإن أقرّهم الإمام على ما كانوا عليه من الامتياز فقد أتى ظلماً ، وخالف شرعاً ، والناقمون على عثمان قائمون على المطالبة بالنصفة إن لم ينالوها تحرّشوا للفتنة ، فأين المحجّة للوصول إلى الحقّ على أمن من الفتن ؟ وقد كان بعد بيعته ما تفرّس به قبلها ( 1 ) . ولا يعني قوله ( عليه السلام ) : " دعوني والتمسوا غيري . . . " على عدم وجود النصّ عليه ، وإنّما كان بقوله هذا ، وغيره من الأقوال الواردة بعد مقتل عثمان ، يتحرّى السكينة في شؤون المسلمين الّذين عصفت بهم ريح الفتن الشديدة ، والّتي جعلتهم في طخية عمياء - كما وصفها الإمام ( عليه السلام ) في خطبته الشقشقية - من يوم السقيفة حتّى يوم مقتل عثمان . أمّا التعبير الوارد عنه ( عليه السلام ) بالزهد في الخلافة ، فقد كان ( عليه السلام ) يعبّر عن ذلك ، بل عن زهده في الدنيا كلّها ، وأنّها أزهد عنده من عفطة عنز - كما يقول - في مواقف عديدة من خطبه ، ويؤكّد أنّه لا يطلب أمر الخلافة لولا الرغبة في إقامة الحقّ . . فمن ذلك : قوله ( عليه السلام ) : " أما والّذي فلق الحبّة وبرأ النسمة ، لولا حضور الحاضر ، وقيام الحجّة بوجود الناصر ، وما أخذ الله على العلماء أن يقاروا على كظة ظالم ، ولا سغب مظلوم ، لألقيت حبلها على غاربها ( 2 ) ، ولسقيت آخرها بكأس أوّلها ، ولألفيتم دنياكم هذه أزهد عندي من عفطة