أو يروي متّهماً أشبه الناس برسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) خُلُقاً عبد الله بن جعفر تارة بأنّه : كان لا يرى بأساً في الغناء والأدلّة قائمة على حرمته ( 1 ) ! وتارة أُخرى بأنّه : طلّق العقيلة الكبرى زينب بنت فاطمة ( عليها السلام ) ( 2 ) . . . إلى آخر بوائقه . وممّا يؤسف له أنّ الأقلام المأجورة والغافلة قد تابعت الزبير بن بكّار في نقل ترهاته هذه ، ولم يكلّف أحدٌ ممّن نقل افتراءات ابن بكّار هذه نفسه بالبحث والتدقيق في ما ينقل عنه . فقد بقي التاريخ في فترة طويلة أسيراً بأيدي العتاة والأقلام المأجورة تجري جلباً لمرضاة الساسة ، ودعماً لمبادئهم ، وترويجاً لأُمور دُبّرت بليل ، وهكذا لعبت سماسرة السياسة الوقتية دوراً خطيراً بالنواميس الإسلامية قابضين على أزمّة الأقلام ، تحلّق بشخصيات إلى الكمال وتسف بآخرين إلى حضيض الوصمة والشنار ، كما أنّ هنالك دواع فئوية ، وأغراض شخصية ، كان لها الأثر البالغ في ما غشي الناس من دور مظلم . . وقد بلغ الأمر إلى حدّ أنّ أهل حمص يرون بأنّ صلاة الجمعة لا تصلح إلاّ بلعن أبي تراب - أي : أمير المؤمنين عليّ ( عليه السلام ) - ويخيّل إلى بعض زعماء أهل الشام وذوي الرأي والعقل أنّ أبا تراب كان لصّاً من
1 - انظر : تفسير الخازن 3 / 338 . . لكن هذه الدعوى بعيدة عن ساحة مَن أدّبه الإمام عليّ وسبطي الرحمة الحسن والحسين ( عليهم السلام ) ، وأخذَ علمه عن الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وروى أحاديثه ، بل الزبير نفسه وأُسرته مولعون بالغناء ، ومنهم : سكينة بنت خالد بن مصعب ، الّتي كانت تجتمع مع الشاعر الماجن عمر بن أبي ربيعة القرشي والمغنّيات يغنّين ; الأغاني 1 / 67 . 2 - انظر : مرقد العقيلة زينب ( عليها السلام ) : 163 - 164 .