ثمّ ذكر الكاتب نصوصاً أُخرى من الكتاب ، تنحى منحى النصّين السابقين . وفي ذلك أقول : إنّ النصوص الّتي ذكرها الكاتب من نهج البلاغة في حقّ الصحابة هي خاصّة بالمؤمنين منهم ، دون المنافقين الّذين يعدّهم أهل السُنّة صحابة عدولا على مصطلحهم ( 1 ) ، إذ أنّ الإمام ( عليه السلام ) ذكر صفاتهم دون أسمائهم ، والصفات الّتي ذكرها هي صفات المؤمنين لا المنافقين ; لأنّ المنافقين لا يبيتون لله سُجّداً وقياماً ، وإنّما { إِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلَوةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَاؤونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً } ( 2 ) . . كما أنّهم ليسوا بميامين الرأي ، ولا مراجيحَ الحلم ، بل هم ممّن { اتَّخَذُواْ أَيْمَنَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } ( 3 ) . . كما أنّهم ليسوا بمقاويل بالحقّ ، وإنّما كانوا { وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِءُونَ * اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ * أُوْلَئكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَت تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ } ( 4 ) . .
1 - راجع تعريف الصحابي في كتاب : الإصابة في تمييز الصحابة - لابن حجر العسقلاني الشافعي - 1 / 7 . 2 - سورة النساء : الآية 142 . 3 - سورة المنافقون : الآية 2 . 4 - سورة البقرة : الآيات 14 - 16 .