إنّ هذا في الواقع تهافت من التفكير ، وإلغاء للحجّة مع تمام المحجّة ; إذ لا تلازم بين الاثنين كما ترى ، فهل يشكّ أحد - مثلا - في إخلاص نبيّ الله نوح ( عليه السلام ) - وهو شيخ الأنبياء - في إعداده وتربيته لابنه ، ومع هذا قد حصل الانحراف من الابن ، بل بان هذا الانحراف واشتهر حتّى صرّح المولى سبحانه بحقّه : { إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَلِح } ( 1 ) . فادّعاء الملازمة بأنّ الطعن في التلميذ يستلزم الطعن في المعلّم هذا الأمر لا وجه له ، بل ترد عليه اشكالات لا مخرج منها ، كما تقدّم . وبعد هذا فلينظر الكاتب إلى أقوال النبيّ الأعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في أصحابه ، ممّا رواه أهل السُنّة في كتبهم . . أخرج البخاري في صحيحه : عن أبي هريرة ، أنّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : " يرد علَيَّ يوم القيامة رهط من أصحابي فيُحلّون ( 2 ) عن الحوض ، فأقول : يا ربّ ! أصحابي ، فيقول : إنّك لا علم لك بما أحدثوا بعدك ، إنّهم ارتدّوا على أدبارهم القهقرى " ( 3 ) . وعن أبي هريرة أيضاً ، عن النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنّه قال : " بينا أنا قائم إذا زمرة ، حتّى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم . فقال : هلمّ . فقلت : أين ؟ قال : إلى النار والله . قلت : وما شأنهم ؟ قال : إنّهم ارتدّوا بعدك على أدبارهم القهقرى . ثمّ إذا زمرة ، حتّى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم . فقال : هلمّ . فقلت : أين ؟ قال : إلى النار والله . قلت : ما شأنهم ؟ قال : إنّهم ارتدّوا على أدبارهم القهقرى ، فلا أراه يخلص منهم إلاّ مثل همل
1 - سورة هود : الآية 46 . 2 - أي : يُطردون ويُبعدون . 3 - صحيح البخاري 7 / 208 كتاب الرقاق ، باب : في الحوض .