للظروف والسياسات أحكامها ، فهل ترى أنّ العصمة غابت عن النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) حين قَبِل بصلح الحديبية ؟ ! مع أنّ الطرف المقابل له في ذلك الصلح كان من المشركين ، بينما الطرف المقابل لأمير المؤمنين ( عليه السلام ) في حادثة التحكيم بصِفّين من المسلمين ! نعم ، حصل تشكيك بنبوّة النبيّ محمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من أحد المسلمين الّذين شهدوا صلح الحديبية مع النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ! وذلك بعد صحبته للنبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بما يقرب من عشرين عاماً منذ إسلامه إلى يوم الحديبية ! ! وهذا الأمر - في الواقع - من غرائب فعل الأصحاب مع النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ; إذ واجه هذا المسلم النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) نفسه بهذا التشكيك وقال له : ألست نبيّ الله حقّاً ؟ قال : " بلى " . قال : ألسنا على الحقّ وعدوّنا على الباطل ؟ قال : " بلى " . قال : فلِمَ نعطي الدنيّة من ديننا إذاً ؟ قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " إنّي رسول الله ، ولست أعصيه ، وهو ناصري " . قال : أولست كنتَ تحدّثنا أنّا سنأتي البيت فنطّوّف به ؟ قال : " بلى ، فأخبرتك أنّا نأتيه العام ؟ " . قال : لا . قال : " فإنّك آتيه ومطّوّف به " . ولم يكتفِ عمر بن الخطّاب بما واجه به النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من كلام هنا ، وبما استمع إليه من جواب منه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، بل ذهب إلى أبي بكر وواجهه