وهكذا فعل سيّدنا عليّ عند النزاع ، ولو كان معصوماً لَما قبل التحكيم وجوّز لهم أن ينازعوه وإنّما يقيم لهم الدلائل على عصمته وبعدها ينتهي كلّ شيء . ويقول في موضع آخر : ( واردد إلى الله ورسوله ما يضلعك من الخطوب ، ويشتبه عليك من الأُمور ; فقد قال الله تعالى لقوم أحبّ إرشادهم : { يَا أيهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِى الأمْرِ مِنكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيء فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ } ; فالردّ إلى الله الأخذ بمحكم كتابه ، والردّ إلى الرسول الأخذ بسُنّته الجامعة غير المفرّقة ) . ج 3 ص 93 - 94 " ( 1 ) . أقول : اشتبه على الكاتب هنا معرفة مهمّة ولاة الأمر ، وحسب أنّ ولاة الأمر لا دور لهم عند حدوث التنازع بين المؤمنين ، وأنّ الرجوع يكون للكتاب والسُنّة فقط ، حسب ما فهمه من الآية " 59 " من سورة النساء ، وغاب عنه أنّ حذف كلمة " أُولي الأمر " في عجز الآية كان اعتماداً على قرينة سابقة . والحذف جائز ، بل يجب - كما هو معلوم في علم البلاغة - إذا دلَّ على المعنى المراد دليل من قرينة لفظية أو حالية ، سابقة أو مقارنة . وقد سبق في صدر الآية أن ساوى بينهم وبين الله والرسول في لزوم الطاعة ، فعُلم أنّ الردّ يكون إليهم كما يكون لله والرسول ، ويؤيّد هذا المعنى ما ورد في الآية الثانية : { وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِى الأمْرِ