أمّا قول الدليمي : " وعلينا أن نرجع جميعاً إلى الدين الواحد ، الّذي كان عليه عليّ ومعاوية ، وهو دين الإسلام ، فالدين واحد ، والربّ واحد ، والنبيّ واحد ، والدعوة واحدة ; فعلامَ الخلاف ؟ ! " . . ففيه مغالطة واضحة ; لأنّ الدين الواحد والربّ الواحد والنبيّ الواحد لم يمنعوا معاوية من الخروج على أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ومقاتلته وتأليب الناس عليه ، ممّا يدلّ على أنّ الدعوة ليست واحدة ، وإنّما كانت هناك دعوتان أو معسكران في الإسلام : معسكر يدعو إلى الجنّة ، يمثّله أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وأتباعه ، ومعسكر يدعو إلى النار ، يمثّله معاوية وأتباعه . وقد بيّن ذلك النبيّ الأعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بمقاله عن عمّار بن ياسر الّذي كان يقاتل مع جيش أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في صِفّين ضدّ جيش معاوية ، في ما رواه البخاري : " ويح عمّار ! تقتله الفئة الباغية ، يدعوهم إلى الجنّة ويدعونه إلى النار " ( 1 ) . وقد كان عمّار بن ياسر يقول يوم صِفّين : " يا أهل الإسلام ! أتريدون أن تنظروا إلى مَن عادى الله ورسوله وجاهدهما ، وبغى على المسلمين ، وظاهر المشركين ، فلمّا أراد أن يظهر دينه وينصر رسوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أتى النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وهو والله في ما يرى راهب غير راغب ، وقبض الله رسوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وإنّا والله لنعرفه بعداوة المسلم ومودّة المجرم ؟ ! ألا وإنّه : معاوية ، فالعنوه ; لعنه الله ، وقاتلوه ; فإنّه ممّن يطفئ
1 - راجع : صحيح البخاري - كتاب الصلاة ، وكتاب الجهاد والسير .