قال الشيخ المفيد في الجمل : واجتمعت الشيعة على الحكم بكفر محاربي أمير المؤمنين ، ولكنّهم لم يخرجوهم بذلك عن حكم ملّة الإسلام ; إذ كان كفرهم من طريق التأويل : كفر ملّة ، ولم يُكفَّروا كفر ردّة عن الشرع مع إقامتهم على الجملة منه وإظهار الشهادتين والاعتصام بذلك عن كفر الردّة المخرج عن الإسلام ، وإن كانوا بكفرهم خارجين عن الإيمان ( 1 ) . ولعلّ قائل يقول : لو كان ذلك كفر لأجرى عليهم أحكام الكفر ، من منع الوراثة والمدافنة والصلاة عليهم ، وأخذ الغنيمة واتّباع المُدبر ، والإجازة على المجروح ، والمعلوم أنّه ( عليه السلام ) لم يجرِ ذلك عليهم ، فكيف يكون كفراً ؟ ! قلنا : أحكام الكفر مختلفة ، ك - : حكم الحربي ، والمعاهد ، والذمّي ، والوثني ، فمنهم مَن تُقبل منهم الجزية ويُقرَّون على دينهم ، ومنهم مَن لا تُقبل ، ومنهم مَن يُناكح وتُؤكل ذبيحته ، ومنهم مَن لا تُؤكل ذبيحته عند المخالف . ولا يمتنع أن يكون مَن كان متظاهراً بالشهادتين ، وإن حُكم بكفره ، أن يكون حكمه مخالف لأحكام الكفّار ، كما قالت المعتزلة في المجبِّرة والمشبِّهة ، وغيرهم من الفرق الّذين يحكمون بكفرهم وإن لم تجرِ هذه الأحكام عليهم . .