فقلت : يا رسول الله ! أو ليس قد قلت لي يوم أُحد حيث استشهد مَن أُستشهد من المسلمين وحيزت عنّي الشهادة فشقّ ذلك علَيَّ ، فقلت لي : أبشر ! فإنّ الشهادة من ورائك ؟ فقال لي : إنّ ذلك لكذلك ، فكيف صبرك إذاً ؟ فقلت : يا رسول الله ! ليس هذا من مواطن الصبر ، ولكن من مواطن البشرى والشكر . وقال : يا عليّ ! إنّ القوم سيُفتنون بأموالهم ، ويمنّون بدينهم على ربّهم ، ويتمنّون رحمته ، ويأمنون سطوته ، ويستحلّون حرامه بالشبهات الكاذبة ، والأهواء الساهية ، فيستحلّون الخمر بالنبيذ ، والسحت بالهدية ، والربا بالبيع . قلت : يا رسول الله ! فبأي المنازل أنزلهم عند ذلك ، أبمنزلة ردة ، أم بمنزلة فتنة ؟ فقال : بمنزلة فتنة " ( 1 ) . ولا خلاف في أنّ الّذين قاتلوا عليّاً ( عليه السلام ) أيّام خلافته ، سواء في البصرة أو صِفّين أو النهراون ، هم من البغاة ، على هذا اتّفق الفقهاء والجمهور الأعظم ومتكلّمو المسلمين . . قال المناوي الشافعي في فيض القدير : قال عبد القاهر الجرجاني في كتاب الإمامة : أجمع فقهاء الحجاز والعراق من فريقي الحديث والرأي ، منهم : مالك ، والشافعي ، وأبو حنيفة ، والأوزاعي ، والجمهور الأعظم من المتكلّمين والمسلمين أنّ عليّاً مصيب في قتاله لأهل صِفّين ، كما هو