فقد روى الطبري في تأريخه ، وابن الأثير في كامله ، والحلبي الشافعي في سيرته ، وآخرون غيرهم : إنّ النبيّ الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) حين أنزل الله تعالى : { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأقْرَبِينَ } ( 1 ) عليه ، وذلك قبل ظهور الإسلام بمكّة ، دعاهم إلى دار عمّه أبي طالب وهم يومئذ أربعون رجلا ، يزيدون رجلا أو ينقصون ، وفيهم أعمامه : أبو طالب وحمزة والعبّاس وأبو لهب . . . وفي آخره : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : يا بني عبد المطّلب ! إنّي والله ما أعلم شاباً في العرب جاء قومه بأفضل ممّا جئتكم به ، جئتكم بخير الدنيا والآخرة ، وقد أمرني الله أن أدعوكم إليه ، فأيّكم يؤازرني على هذا الأمر ، على أن يكون أخي ووصيّي وخليفتي فيكم ؟ فأحجم القوم عنها غير عليّ - وكان يومئذ أصغرهم - إذ قام فقال : أنا يا نبيّ الله ! أكون وزيرك عليه . فأخذ رسول الله برقبته وقال : إنّ هذا أخي ووصيّي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا . . . فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب : قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع ( 2 ) . انتهى .
1 - سورة الشعراء : الآية 214 . 2 - انظر : تاريخ الأُمم والملوك 2 / 64 بطرق مختلفة ، الكامل في التاريخ 1 / 585 - 586 ; وقد أرسله إرسال المسلّمات عند ذكره أمر الله فيه بإظهار دعوته ، السيرة الحلبية 1 / 461 . أخرج هذا الحديث بهذه الألفاظ كثير من حفظة الآثار النبوية ، ك - : ابن إسحاق ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، وأبي نعيم ، والبيهقي في سُننه و دلائله ، والثعلبي في تفسيره . . وأخرجه بهذا المعنى مع تقارب الألفاظ غير واحد من جهابذة الحديث عند أهل السُنّة . وسيأتي عند الحديث عن سنده وشواهده - في ص 130 - أنّ رجال السند والشواهد من رجال الصحاح ومن الثقات المعتبرين عند أئمّة الحديث .