العرب من أطرافها وأقطارها حتّى يكون ما تدع وراءك من العورات أهمّ إليك ممّا بين يديك . إنّ الأعاجم إن ينظروا إليك غداً يقولون : هذا أصل العرب فإذا قطعتموه استرحتم فيكون ذلك أشدّ لكلبهم عليك . . . إلى آخر كلامه ( عليه السلام ) " ( 1 ) . أقول : ورد عن النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قوله : " المستشار مؤتمن " ( 2 ) ، وقوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " الدين النصيحة " ( 3 ) ; وعليه : كيف نتصوّر أن يكون موقف الإمام ( عليه السلام ) وقد أقبل إليه مَن يستشيره في قضية لها مساس بأمر الإسلام والمسلمين ؟ ! ! فهو ( عليه السلام ) لم يبخل يوماً بنصيحته على مسلم فضلا عمّن صار عنواناً لخلافة المسلمين عند الناس ، وحسبك من ذلك : كثرة رجوع الخلفاء الثلاثة إليه ، واجتهاده بالنصيحة لهم ; حفاظاً على قوّة الإسلام واشتداد عوده . . وقد اعترف الخلفاء بجميل صنعه بهم ، وعلوّ كعبه عليهم في هذا الجانب في أقوال عديدة ، نذكر منها : القول المشهور لعمر بن الخطّاب : لولا عليّ لهلك عمر ( 4 ) .
1 - راجع بقيّة كلامه ( عليه السلام ) في نهج البلاغة - تعليق الشيخ محمّد عبده - 2 / 30 . 2 - مسند أحمد 5 / 274 . 3 - مسند أحمد 1 / 351 . 4 - ذخائر العقبى : 82 ، تأويل مختلف الحديث : 152 ، فيض القدير في شرح الجامع الصغير - للمناوي - 4 / 470 ، مرقاة المفاتيح في شرح مشكاة المصابيح 11 / 252 . . وقد اشتهر بين المحدّثين أنّ عمر قالها في سبعين مورداً ; راجع : بعض تلك الموارد مع مصادرها من كتب أهل السُنّة في إحقاق الحقّ 3 / 102 و 8 / 182 و 192 ، وهذا الكتاب لا يستشهد إلاّ بكتب أهل السُنّة خاصّة .