نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 880
وحينما تمادى المنافقون في غيهم وضلالهم ، نزلت سورة التوبة ( براءة ) تفضح شأنهم ، فسميت بالفاضحة أو الكاشفة فاضحة المنافقين وكاشفتهم ، وكان يقال لها المنبئة لأنها أنبأت بمثالبهم وعوراتهم وقبائحهم . ومن قبائحهم جميعا أنهم يحلفون كثيرا الأيمان الكاذبة ليرضى المؤمنون عنهم ، ويعتذروا عن أفعالهم ، ويحاولوا إعلان أنهم من المسلمين في الدين ، والحال أن اللَّه تعالى يعلم كذبهم ، وأن اللَّه ورسوله أحق بالإرضاء من المؤمنين ، فعليهم إظهار الإيمان الصادق والطاعة الحقيقية ، إن كانوا مؤمنين بحق . ثم وبخهم اللَّه تعالى مبينا خطورة هذا الموقف ، ومضمون التوبيخ : ألم يعلم هؤلاء المنافقون ويتحققوا أن من عادى اللَّه ورسوله وخالفه بتجاوز حدوده أو الطعن برسوله في أعماله أو أقواله ، فجزاؤه جهنم خالدا فيها أبدا ، مهانا معذبا فيها إلى الأبد ، وذلك العذاب هو الخزي العظيم ، أي الذل الكبير والشقاء الشنيع . وسبب نزول آية * ( يَحْلِفُونَ بِاللَّه لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ ) * فيما روى ابن المنذر عن قتادة قال : ذكر لنا أن رجلا من المنافقين قال في شأن المتخلفين عن غزوة تبوك الذين نزل فيهم ما نزل من آي القرآن : واللَّه ، إن هؤلاء لخيارنا وأشرافنا ، وإن كان ما يقول محمد حقا لهم شر من الحمير ، فسمعها رجل من المسلمين فقال : واللَّه إن ما يقول محمد لحق ، ولأنت شر من الحمار ، وسعى بها الرجل إلى النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم فأخبره ، فأرسل إلى الرجل فدعاه ، فقال : ما الذي حملك على الذي قلت ؟ فجعل يتلعن ( يلعن نفسه ) ويحلف بالله ما قال ذلك ، وجعل الرجل المسلم يقول : اللهم صدّق الصادق ، وكذّب الكاذب ، فأنزل اللَّه : * ( يَحْلِفُونَ بِاللَّه لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ ) * . إن كثرة الحلف من المنافقين كانت بقصد إبعاد التهم والشبهات عنهم ، ولكن اللَّه تعالى الذي يعلم السر وأخفى ويعلم ما تكنه الصدور ، كشف أكاذيب المنافقين
880
نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 880