نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 815
ومعنى الآيات : إن شر ما دبّ على وجه الأرض في حكم اللَّه وعدله هم الذين كفروا ونقضوا العهد ، فهم شر خلق اللَّه لا تصافهم بصفتين : الإصرار على الكفر الدائم والعناد ، ونقض العهد الذي عاهدوه وأكدوه بالأيمان . ولهم صفة ثالثة هي أنهم لا يتقون اللَّه ولا يخافون منه في شيء ارتكبوه من الآثام ، ولا يتقونه في غدرهم ونقض العهد . إنهم كما وصفتهم الآية الكريمة شر من الدواب ، لعدم وجود نفع منهم ، فهم لا يؤمنون بالله إيمانا صحيحا ، وتكرر منهم نقض العهد في كل مرة يعاهدون النبي صلَّى اللَّه عليه وسلم ، وهو لا يتقون اللَّه ربهم ولا يخافون حسابه ، ويخرجون عن أحكام اللَّه . هذا حالهم عند اللَّه ، وأما من نقض العهد منهم ، فإن أمكنتك الفرصة منهم ، وصادفتهم أو ظفرت بهم في الحرب ، فاضربهم ضربة قاصمة تفرق بها جمع كل ناقض للعهد حتى يخافك من وراءهم من أهل مكة وغيرهم ، افعل ذلك بهم لعل من خلفهم يتعظون ويرتدعون بهم . ثم أبان اللَّه حكم من ظهرت منهم بوادر الخيانة ونقض العهد بأمارة من الأمارات ، فقال تعالى : * ( وإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ ) * أي إن ظهرت أمارات الخيانة ونقض العهد من قوم ، فألغ عهدهم ، وأعلمهم بأنك قد نقضت عهدهم ، وذلك حتى تستوي أنت وهم في العلم بنقض العهد حتى لا يتهموك بالغدر والخيانة . والنبذ : الرمي والرفض . والسواء : المساواة والاعتدال . وحينئذ فإن التزموا السلم لم يتعرض لهم ، وإلا حوربوا . وبنو قريظة نقضوا العهد مرتين . إن هذا الإخبار المكشوف بنقض العهد دليل على ثقة المسلمين بأنفسهم ، وأنهم يترفعون عن الخيانة والغدر ، وأن الغدر حطة ومذلة ، واللَّه لا يحب الخائنين ، أي يجازيهم على الخيانة .
815
نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 815