نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 792
برأي ما أراكم أبصرتموه بعد ، ما أرى غيره ، قالوا : وما هذا ؟ قال : تأخذون من كل قبيلة وسيطا شابا جلدا ( أي قويا ) ثم نعطي كل غلام منهم سيفا صارما يضربونه ضربة رجل واحد ، فإذا قتلتموه تفرق دمه في القبائل كلها ، فلا أظن أن هذا الحي من بني هاشم يقوون على حرب قريش كلهم ، وإنهم إذا رأوا ذلك قبلوا العقل ( أي الدية ) واسترحنا وقطعنا أذاه عنا . فقال الشيخ النجدي : هذا واللَّه هو الرأي ، القول ما قال الفتى ، لا أرى غيره ، فتفرقوا على ذلك ، وهم مجمعون له ، فأتى جبريل النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم في بيته تلك الليلة ، وأذن اللَّه عند ذلك في الخروج ، وأنزل عليه بعد قدومه المدينة ، يذكّره نعمته عليه : * ( وإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا ) * وهذه أسباب الهجرة النبوية من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة . ومعنى الآية : واذكر أيها النبي حينما اجتمع المشركون لتدبير مؤامرة خطيرة عليك وعلى دعوتك ، فذلك أمر يستحق الشكر على النعمة ، ويدعو للعبرة والعظة ، ويدل على صدق دعوتك وتأييد ربك لك في وقت المحنة . لقد دبروا لك إحدى مكائد ثلاث : إما الحبس الذي يحول بينك وبين دعوة الناس ، وإما القتل بطريق جميع القبائل ، وإما الطرد والإخراج من البلاد . إنهم يمكرون بك ، أي يخفون المكائد لك ، ويخفي اللَّه ما أعد لهم من الجزاء والعذاب على مكرهم ، واللَّه خير المدبرين وأمضى المخططين والمنفذين وأقدرهم وأعزهم جانبا ، لأن تدبيره نصر للحق وعدل مطلق . هذا مكرهم بالنبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم . وهناك مكر بالدين والقرآن وهو ما قال اللَّه تعالى : * ( وإِذا تُتْلى ) * أي إذا تليت آيات القرآن الواضحة ، قالوا جهلا وعنادا وسفها واستكبارا : لو نشاء لقلنا مثل هذا من القصص والأنبياء ، فإن هذه إنما هي أساطير من قد تقدم ، أي قصصهم المكتوبة المسطورة من دون تمحيص ولا نظام ، يتعلم منها ويتلوها على الناس . نزلت
792
نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 792