نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 752
تضعف أو تتردد أو تنحرف أمام شهوات الدنيا ومفاتنها ، ومن هؤلاء بلعام بن باعوراء أو عابر ، كان من علماء بني إسرائيل أو أنه كان من جملة الجبارين الذين غزاهم موسى عليه السلام ، فلما قرب منهم موسى لجؤوا إلى بلعام وكان صالحا مستجاب الدعوة ، فدعا على موسى مقابل هدية مالية ، فاستجيب له ، ووقع موسى وقومه في صحراء التيه بدعائه . والمعنى : واتل أو اقرأ يا محمد على الحاضرين في عصرك من الكفار وغيرهم خبر ذلك الرجل الذي علمناه آياتنا ، ولكنه تركها ولم يعمل بها ، وتجرد منها إلى الأبد ، فلحقه الشيطان وأدركه ، وصار قرينا له ، ومصغيا لوسوسته ، فأصبح من الضالين المكذبين الغاوين الكافرين ، لميله إلى الدنيا واتباعه الهوى والشيطان . وكان مصيره أن موسى عليه السلام قتل ذلك الرجل المنسلخ عن آيات اللَّه . وبخه اللَّه وأبان أنه تعالى لو شاء لرفع هذا الرجل بالآيات وجعل له منزلة عظيمة من منازل العلماء الأبرار ، بأن يوفقه ربه للهداية والعمل بالآيات المنزلة . ولكنه ركن إلى الدنيا ومال إليها وشغف بلذائذها واتبع هواه ، فلم يوجه همّه إلى نعيم الآخرة ولم يهتد بآيات ربه ، ولم يشكر نعمة اللَّه عليه ، ولم تتجه نفسه إلى ذرا الكمال الروحي ، مع أنه قد أوتي علما ، وتدنى إلى مغريات الأرض ، وإمهال اللَّه له ، وأصبح مثله في الذلة والحقارة والخسة والدناءة كمثل أو صفة الكلب في أخس الأحوال وأذلها ، وهي حال دوام اللهث به ، سواء طورد وقوتل أو ترك دون طرد ، بسبب تجرده من العمل بآيات اللَّه والتزام معرفتها . لقد عوقب في الدنيا بأنه كان يلهث كما يلهث الكلب ، أو أنه كان ضالا قبل أن يؤتى الآيات ، وبعد أن أوتيها أيضا ، فلم تنفعه الآيات .
752
نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 752