نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 514
في طلب هذا المال ، وفي الحكم على الشاهدين بالخيانة ، إنا إذا اعتدينا أو خوناهما ، وهما ليسا بخائنين لمن الظالمين ، أي المبطلين الكاذبين . والمراد بقوله تعالى : * ( مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الأَوْلَيانِ ) * أي من الذين استحقت عليهم الوصية ، أو استحق عليهم الإيصاء ، الأوليان بالميت أي الأقربان منه . وحكمة تشريع هذه الشهادة وهذه الأيمان هي مطابقة الشهادة واليمين للواقع ، وهو المشار إليه في قوله تعالى : [ سورة المائدة ( 5 ) : آية 108 ] * ( ذلِكَ أَدْنى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهادَةِ عَلى وَجْهِها أَوْ يَخافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمانٌ بَعْدَ أَيْمانِهِمْ واتَّقُوا اللَّه واسْمَعُوا واللَّه لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ ( 108 ) أي أقرب أن يؤدي الشهداء الشهادة على وجهها الحقيقي بلا تبديل ولا تغيير ، خوفا من عذاب اللَّه ، وهذه حكمة تغليظ الشهادة بكونها بعد صلاة العصر لأنه وقت القضاء والفصل في الدعاوي ، فتكون الصلاة مذكّرة للشهود بالحق والعدل . أو خوفا من ردّ اليمين على الورثة ، وفي ذلك الخزي والفضيحة بين الناس ، فيظهر كذبهم بين الناس ، وهكذا يكون الخوف من عذاب اللَّه أو من ردّ اليمين مدعاة الصدق والبعد عن الخيانة . ثم حثّ القرآن الكريم على مراقبة اللَّه وتقواه ، فقال سبحانه : * ( واتَّقُوا اللَّه واسْمَعُوا واللَّه لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ ) * أي راقبوا اللَّه واحذروا عقابه في أيمانكم أن تحلفوا بها أيمانا كاذبة ، وأن تأخذوا مالا عليها ، وأن تخونوا من ائتمنكم ، واسمعوا سماع تدبّر وقبول لهذه الأحكام واعملوا بها ، وإلا كنتم من الفاسقين ، المتمرّدين الخارجين عن دائرة حكم اللَّه وشرعه ، المطرودين من هدايته ورحمته ، المستحقّين لعقابه ، واللَّه لا يوفق كل من فسق عن أمر ربّه ، فخالفه وأطاع الشيطان . هذه دقائق الأحكام الشرعية في حال من أحوال الحياة تعدّ أنموذجا لكل حال ، والآيات تحضّ على الوصية في السفر والحضر ، وتتطلب الإشهاد عليها لإثباتها وتنفيذها ، والأصل في الشهود أن يكونوا عدولا مسلمين ، وتجوز شهادة غير المسلم على المسلم للضرورة أو الحاجة ، واللَّه مع المتّقين .
514
نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 514