نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 409
بعد ما رأوا الآيات الباهرة ومعجزات موسى الظاهرة من عبور الإسرائيليين البحر ، وإغراق عدوّهم فرعون وجنوده ، وانقلاب العصا حية ، واليد البيضاء ، وذلك سلطان مبين لموسى عليه السلام أي حجة ظاهرة ، ثم عفا اللَّه عنهم بما امتحنهم به من القتل لأنفسهم وقتل بعضهم بعضا ، حتى قيل لهم : كفّوا ، فكان ذلك شهادة للمقتول ، أي استشهادا ، وتوبة للحي . وكان من عجائب أحوالهم وأساليب تأديبهم : أن اللَّه تعالى رفع فوقهم جبل طور سيناء ، كأنه ظلَّة ، وهم في واد ، بسبب ميثاقهم أن يعملوا بالتوراة ، فامتنعوا من التزام أحكام الشريعة ، وأبو إطاعة موسى عليه السّلام ، فأجبروا على الطاعة قهرا ، وجعلوا ينظرون إلى فوق رؤوسهم خشية أن يسقط الجبل عليهم . وأمروا أن يدخلوا باب بلدة سجّدا طائعين خاضعين ، شكرا لله تعالى على نعمه وأفضاله ، وهو نوع من سجدة الشكر التي فعلها كثير من العلماء ، ورويت مشروعيتها عن نبيّنا محمد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم . وأوصاهم اللَّه بالتزام حرمة يوم السبت ، فلا يعملوا فيه عملا دنيويا ، ولا يتجاوزوا حرمته ، فخالفوا واحتالوا بحيلتهم المعروفة في صيد الأسماك ، من طريق بناء الأحواض على شاطئ البحر ليبقى السمك محجوزا فيها أثناء المدّ والجزر البحري . وأخذ اللَّه عليهم ميثاقا غليظا : وهو ما جاء على لسان موسى وهارون وغيرهما من الأنبياء بأنهم يأخذون التوراة بقوة ويعملون بجميع ما فيها ، فخالفوا وعصوا وتحايلوا على ارتكاب ما حرم اللَّه عليهم . وقد عذّبهم اللَّه ولعنهم وأذلَّهم بمجموع عدة أمور : هي نقض ميثاق العمل بالتوراة ، وكفرهم بآيات اللَّه الدّالة على صدق أنبيائه ، وقتلهم الأنبياء بغير ذنب كزكريا ويحيى عليهما السلام ، وقولهم : قلوبنا مغلفة بغلاف ، فلا يصل إليها شيء من دعوة الأنبياء ، ولكن اللَّه ختم عليها فلا يصلها خير ، ولا ينفذ إليها الإيمان ،
409
نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 409