نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 648
وقوله : * ( مِنْ رِجالِكُمْ ) * متعلق بقوله : * ( واسْتَشْهِدُوا ) * ومن لابتداء الغاية ويجوز أن يكون متعلقا بمحذوف صفة لشهيدين ومن للتبعيض ، أى من رجالكم المسلمين الأحرار فإن الكلام في معاملتهم . ثم بين - سبحانه - الحكم إذا لم يتيسر شاهدان من الرجال فقال : * ( فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وامْرَأَتانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ ) * . وقوله : * ( مِمَّنْ تَرْضَوْنَ ) * متعلق بمحذوف على أنه صفة لرجل وامرأتان . أى فإن لم يتيسر رجلان للشهادة فليشهد رجل وامرأتان كائنون مرضيون عندكم بعدالتهم . وهذا الوصف وإن كان في جميع الشهود إلا أنه ذكر هنا للتشديد في اعتباره ، لأن اتصاف النساء به قد لا يتوفر كثيرا . وقوله : * ( مِنَ الشُّهَداءِ ) * متعلق بمحذوف حال من الضمير المفعول المقدر في * ( تَرْضَوْنَ ) * العائد إلى الموصول : أى فليشهد رجل وامرأتان ممن ترضونهم حال كونهم من بعض الشهداء لعلمكم بعدالتهم ، وثقتكم بهم . وقوله - تعالى - : * ( مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ ) * أدق في الدلالة على صدق الشهادة من العدالة ، لأن الإنسان العدل قد يكون مرضيا في دينه وخلقه ولكنه قد يتأثر بالمشاهد المؤثرة فتخونه ذاكرته في وقت الحاجة إليها ، أو قد يكون ممن يمنعه منصبه وجاهه ومقامه في الناس من الكذب إلا أنه قد يرتكب بعض المعاصي ، فجاء - سبحانه - بهذه الجملة الحكيمة لكي يقول للناس . اختاروا الشهداء من الذين يرتضى قولهم ، ويقيمون الشهادة على وجهها الحق بدون التأثر بأى نوع من أنواع المؤثرات . هذا ، وشهادة النساء مع الرجال تجوز عند الحنفية في الأموال والطلاق والنكاح والرجعة وكل شيء إلا الحدود والقصاص . وعند المالكية تجوز في الأموال وتوابعها خاصة ، ولا تقبل في أحكام الأبدان مثل الحدود والقصاص والنكاح والطلاق والرجعة . ثم بين - سبحانه - العلة في أن المرأتين تقومان مقام الرجل في الشهادة فقال : * ( أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الأُخْرى ) * . قال القرطبي : معنى تضل تنسى ، والضلال عن الشهادة إنما هو نسيان جزء منها وذكر جزء ، ويبقى المرء حيران بين ذلك ضالا » « 1 » . والمعنى : جعلنا المرأتين بدل رجل واحد في الشهادة ، خشية أن تنسى إحداهما فتذكر كل
( 1 ) تفسير القرطبي ج 3 ص 397 .
648
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 648