responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 646


والجار والمجرور وهو * ( بِالْعَدْلِ ) * متعلق بمحذوف صفة لكاتب أى : وليكن المتصدي للكتابة من شأنه أن يكتب بالسوية من غير ميل إلى أحد الجانبين . أو متعلق بالفعل يكتب . أى :
وليكتب بالحق .
ثم نهى اللَّه - تعالى - من كان قادرا على الكتابة عن الامتناع عنها متى دعى إليها فقال :
* ( ولا يَأْبَ كاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَما عَلَّمَه اللَّه فَلْيَكْتُبْ ) * .
أى : ولا يمتنع كاتب من أن يكتب للمتداينين ديونهما بالطريقة التي علمه اللَّه إياها أن يتحرى العدل والحق في كتابته ، وأن يلتزم فيها ما تقتضيه أحكام الشريعة الإسلامية .
فالكاف في قوله - تعالى - : * ( كَما عَلَّمَه اللَّه ) * نعت لمصدر محذوف والتقدير : فليكتب كتابة مثل ما علمه اللَّه - تعالى - بمعنى أن يلتزم الحق والعدل فيها .
ويجوز أن تكون الكاف للتعليل فيكون المعنى : لا يمتنع عن الكتابة لأنه كما علمه اللَّه إياها ويسرها له ونفعه بها ، فعليه أن ينفع غيره بها ، فهو كقوله - تعالى - : وأَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللَّه إِلَيْكَ وفي الحديث الشريف « إن من الصدقة أن تعين صانعا أو تصنع لأخرق » وفي حديث آخر : « من كتم علما يعلمه ألجمه اللَّه بلجام من نار يوم القيامة » « 1 » .
وقوله : * ( فَلْيَكْتُبْ ) * تفريع على قوله « ولا يأب كاتب » أى : فليكتب الكتابة التي علمه اللَّه إياها فهو توكيد للأمر المستفاد من قوله : * ( ولا يَأْبَ كاتِبٌ ) * . ويجوز أن يكون توكيدا للأمر الصريح في قوله : * ( ولْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كاتِبٌ بِالْعَدْلِ ) * .
قال القرطبي : واختلف الناس في وجوب الكتابة على الكاتب والشهادة على الشاهد . فقال الطبري : واجب على الكاتب إذا أمر أن يكتب . وقال الحسن : ذلك واجب عليه في الموضع الذي لا يقدر فيه على كاتب غيره فيضر صاحب الدين إن امتنع ، فإن كان كذلك فهو فريضة ، وإن قدر على كاتب غيره فهو في سعة إذا قام بها غيره » « 2 » .
وإلى هنا تكون الآية الكريمة قد قررت مبدأ الكتابة في الدين ، وبينت كيفية الكتابة ، وأشارت إلى إجادة الكاتب لها ، ونهته عن الامتناع عنها إذا دعى إليها . ثم انتقلت الآية بعد ذلك إلى بيان من يتولى الإملاء فقال - تعالى - : * ( ولْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْه الْحَقُّ ، ولْيَتَّقِ اللَّه رَبَّه ، ولا يَبْخَسْ مِنْه شَيْئاً ) * .
والإملال معناه الإملاء . فهما لغتان معناهما واحد . وقد جاء القرآن باللغتين قال - تعالى - : وقالُوا أَساطِيرُ الأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْه بُكْرَةً وأَصِيلًا .


( 1 ) تفسير ابن كثير ج 1 ص 335 . ( 2 ) تفسير القرطبي ج 3 ص 385 .

646

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 646
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست