نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 645
والأجل في اللغة هو الوقت المضروب لانقضاء الأمد ، وأجل الإنسان هو الوقت المحدد لانقضاء عمره . وأجل الدين هو الوقت المعين لأدائه في المستقبل . وأصله من التأخير ، يقال : أجل الشيء يأجل إذا تأخر والآجل نقيض العاجل . والمعنى : يا أيها الذين آمنوا إذا عامل بعضكم بعضا بالدين إلى وقت معين فاكتبوا هذا الدين ، لأن في هذه الكتابة حفظا له ، وضبطا لمقداره ، ومنعا للتنازع من أن يقع بينكم . قال صاحب الكشاف : فإن قلت : هلا قيل : إذا تداينتم إلى أجل مسمى ، وأى حاجة إلى ذكر الدين ؟ قلت : ذكر - لفظ الدين - ليرجع الضمير إليه في قوله : * ( فَاكْتُبُوه ) * إذ لو لم يذكر لوجب أن يقال : فاكتبوا الدين ، فلم يكن النظم بذلك الحسن ، ولأنه أبين لتنويع الدين إلى مؤجل وحال . فإن قلت : ما فائدة قوله : * ( مُسَمًّى ) * قلت : ليعلم أن من حق الأجل أن يكون معلوما كالتوقيت بالسنة والأشهر والأيام . ولو قال : إلى الحصاد أو الدياس أو رجوع الحاج لم يجز لعدم التسمية » « 1 » . وجمهور العلماء على أن الأمر في قوله « فاكتبوه » للندب ، ولأن اللَّه - تعالى - قد قال بعد ذلك * ( فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمانَتَه ) * ولأن النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم لم يلزم الدائنين بكتابة ديونهم ، ولا المدينين بأن يكتبوها . وقال الظاهرية : إن الأمر هنا للوجوب ، ومن لم يفعل ذلك كان آثما ، لأن الأصل في الأمر أنه للوجوب . . وقوله : * ( ولْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كاتِبٌ بِالْعَدْلِ ) * بيان لكيفية الكتابة المأمور بها وتعيين من يتولاها عقب الأمر بها على سبيل الإجمال . أى : عليكم أيها المؤمنون إذا تعاملتم بالدين إلى أجل معين أن تكتبوا هذا الدين ، وليتول الكتابة بينكم شخص يجيدها وعنده فقهها وعلمها ، بأن يكون على معرفة بشروط العقود وتوثيقها ، وما يكون من الشروط موافقا لشريعة الإسلام وما يكون منها غير موافق ، وعلى هذا الكاتب أن يلتزم الحق مع الدائن والمدين في كتابته ، لأن اللَّه - تعالى - يقول : ولا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى . فالجملة الكريمة تحض المتعاملين بالدين أن يختاروا لكتابته شخصا تتوفر فيه إجادة الكتابة ، والخبرة بشروط العقود وتوثيقها ، كما تتوفر فيه الاستقامة وتحرى الحق . ومفعول * ( يَكْتُبَ ) * محذوف ثقة بانفهامه أى وليكتب بينكم الكتابة كاتب بالعدل . والتقييد بالظرف بينكم للإيذان بأنه ينبغي للكاتب ألا يسمح لنفسه بأن ينفرد به أحد المتعاقدين ، لأن في هذا الانفراد تهمة يجب أن يربأ بنفسه عنها .
( 1 ) تفسير الكشاف ج 1 صفحة 325 .
645
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 645