نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 586
فالجملة الكريمة بيان لكمال علم اللَّه - تعالى - ، ولنقصان علم سواه ، إذ أن البشر لم يعطوا من العلم إلا القليل ، وهذا القليل ناقص لأنه ليس على إحاطة واستغراق لكل ما تشتمل عليه جزئيات الشيء ووجوده وجنسه وكيفيته وغرضه المقصود به وبإيجاده ، إذ العلم الكامل بالشيء لا يكون إلا للَّه رب العالمين . ثم قال - تعالى - في الجملة الثامنة : * ( وَسِعَ كُرْسِيُّه السَّماواتِ والأَرْضَ ) * . قال الراغب : الكرسي في تعارف العامة : اسم للشيء الذي يقعد عليه ، وهو في الأصل منسوب إلى الكرس أى الشيء المجتمع ، ومنه الكراسة لأنها تجمع العلم . . وكل مجتمع من الشيء كرس » « 1 » . وللعلماء اتجاهان مشهوران في تفسير معنى الكرسي في الجملة الكريمة . فالسلف يقولون : إن للَّه - تعالى - كرسيا علينا أن نؤمن بوجوده وإن كنا لا نعرف حقيقته ، لأن ذلك ليس في مقدور البشر . والخلف يقولون : الكرسي في الآية كناية عن عظم السلطان ، ونفوذ القدرة ، وسعة العلم ، وكمال الإحاطة . ولصاحب الكشاف تلخيص حسن لأقوال العلماء في ذلك ، فقد قال - رحمه اللَّه - وفي قوله : * ( وَسِعَ كُرْسِيُّه ) * أربعة أوجه : أحدها : أن كرسيه لم يضق عن السماوات والأرض لبسطته وسعته وما هو إلا تصوير لعظمته ولا كرسي ثمة ولا قعود ولا قاعد . والثاني : وسع علمه ، وسمى العلم كرسيا تسمية بمكانه الذي هو كرسي العالم . والثالث : وسع ملكه تسمية بمكانه الذي هو كرسي الملك . والرابع : ما روى أنه خلق كرسيا هو بين يدي العرش دونه السماوات والأرض وهو إلى العرش كأصغر شيء . وعن الحسن الكرسي هو العرش « 2 » . هذا وقد روى المفسرون عن ابن عباس أنه قال « كرسيه علمه » « 3 » ولعل تفسير الكرسي بالعلم كما قال حبر الأمة هو أقرب الأقوال إلى الصواب ، لأنه هو المناسب لسياق الآية الكريمة .
( 1 ) المفردات في غريب القرآن للراغب الأصفهاني صفحة 428 بتلخيص . ( 2 ) تفسير الكشاف ج 1 صفحة 301 . ( 3 ) تفسير القرطبي ج 3 صفحة 276 .
586
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 586