نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 570
أنها قدمت للعناية . . ومعناه : الرخصة في اغتراف الغرفة باليد دون الكروع » « 1 » . ثم ختم - سبحانه - ما كان من بنى إسرائيل نتيجة لهذا الامتحان فقال : * ( فَشَرِبُوا مِنْه إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ ) * . أى : فشربوا من النهر حتى امتلأت بطونهم مخالفين بذلك أمر قائدهم في وقت تعظم فيه المخالفة لأنه وقت إقدام على الحرب ، إلا عددا قليلا منهم فإنهم لم يشربوا إلا كما رخص لهم قائدهم . وعلى هذا التفسير - الذي قال به جمهور المفسرين - يكون جميع الذين مع طالوت قد شربوا من النهر إلا أن كثيرا منهم قد شربوا حتى امتلأت بطونهم مخالفين أمر قائدهم ، وقلة منهم شربت غرفة واحدة وهي التي رخص لهم قائدهم في شربها . وبعض المفسرين يقسم اتباع طالوت ثلاثة أقسام : قسم شرب كثيرا مخالفا أمر طالوت . وقسم شرب غرفة واحدة بيده كما رخص له قائده . وقسم لم يشرب أصلا لا قليلا ولا كثيرا مؤثرا العزيمة على الرخصة وهذا القسم هو الذي اعتمد عليه طالوت اعتمادا كبيرا في تناوله لأعدائه . وممن ذكر هذا التقسيم من المفسرين الإمام القرطبي فقد قال : « قال ابن عباس : شربوا على قدر يقينهم ، فشرب الكفار شرب الهيم « 2 » ، وبقي بعض المؤمنين لم يشرب شيئا ، وأخذ بعضهم الغرفة ، فأما من شرب فلم يرو بل برح به العطش ، وأما من ترك الماء فحسنت حاله وكان أجلد ممن أخذ الغرفة » « 3 » . ثم بين - سبحانه - ما كان من أتباع طالوت بعد اجتيازهم للنهر معه فقال : * ( فَلَمَّا جاوَزَه هُوَ والَّذِينَ آمَنُوا مَعَه قالُوا لا طاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجالُوتَ وجُنُودِه ) * . أى : فلما جاوز طالوت ومن معه النهر وتخطوه ، وشاهدوا كثرة جند جالوت ، قال بعض الذين مع طالوت لبعض بقلق ووجل : لا قدرة لنا اليوم على محاربة أعدائنا ومقاومتهم فهم أكثر منا عددا ، وأوفر عددا . والضمير * ( هُوَ ) * في قوله : * ( هُوَ والَّذِينَ آمَنُوا مَعَه ) * مؤكد للضمير المستكن في جاوز . والقائلون ، هذا القول هم بعض المؤمنين الذين عبروا معه النهر ، ولم يقولوا ذلك هروبا أو
( 1 ) تفسير الكشاف ج 1 ص 295 . ( 2 ) الهيم : الإبل التي يصيبها داء فلا تروى من الماء واحدها أهيم والأنثى هيماء . ( 3 ) تفسير القرطبي ج 3 صفحة 254 .
570
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 570