نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 511
تطليقتين ، أنه أحق برجعتها ما لم تنقض عدتها وإن كرهت المرأة ، فإن لم يراجعها المطلق حتى انقضت عدتها فهي أحق بنفسها وتصير أجنبية منه ، ولا تحل له إلا بخطبة ونكاح مستأنف بولي وإشهاد ليس على صفة المراجعة ، وهذا اجماع من العلماء » « 1 » . وفي هذه الجملة الكريمة بيان لبعض الحكم السامية التي أرادها اللَّه - تعالى - من وراء مشروعية العدة . فاللَّه - تعالى - جعل للمطلق فرصة - هي مدة ثلاثة قروء - لكي يراجع نفسه ، ويتدبر أمره ، لعله خلال هذه المراجعة وذلك التدبر يرى أن الخير في بقاء زوجته معه فيراجعها ، رعاية لرابطة المودة والرحمة التي جعلها اللَّه - تعالى - بين الزوجين . وقوله - تعالى - : * ( إِنْ أَرادُوا إِصْلاحاً ) * شرط المقصود منه حض المطلق على أن ينوى بإرجاعه لمطلقته إصلاح أحوالهما ، بإرشادها إلى ما من شأنه أن يجعل حياتهما الزوجية مستمرة لا منقطعة ، أما إذا راجعها على نية الكيد والأذى والمضارة ففي هذه الحالة يكون آثما وسيعاقبه اللَّه على ذلك بما يستحقه . قال الآلوسى : وليس المراد من التعليق اشتراط جواز الرجعة بإرادة الإصلاح حتى لو لم يكن قصده لا تجوز ، للاجتماع على جوازها مطلقا ، بل المراد تحريضهم على قصد الإصلاح حيث جعل كأنه منوط به ينتفى بانتفائه » « 2 » . ثم ختم - سبحانه - الآية بقوله : * ( ولَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ولِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ واللَّه عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) * . أى : وللنساء على الرجال مثل ما للرجال على النساء . فليؤد كل واحد منهما إلى الآخر ما يجب عليه نحوه بالمعروف . والمراد بالمماثلة - كما يقول الآلوسى - المماثلة في الوجوب لا في جنس الفعل ، فلا يجب عليه إذا غسلت ثيابه أو خبزت له أن يفعل لها مثل ذلك ، ولكن يقابله بما يليق بالرجال » « 3 » . أى أن الحقوق والواجبات بينهما متبادلة ، وأنهما متماثلان في أن كل واحد منهما عليه أن يؤدى نحو صاحبه ما يجب عليه بالمعروف أى بما عرفته الطباع السليمة ولم تنكره ، ووافق ما أوجبه اللَّه على كل منهما في شريعته . فالباء في قوله * ( بِالْمَعْرُوفِ ) * للملابسة . وقد بين النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم في أحاديث متعددة حقوق الرجال على النساء ، وحقوق النساء على الرجال ، ومن ذلك ما أخرجه مسلَّم في صحيحه عن جابر بن عبد اللَّه أن رسول صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قال في
( 1 ) تفسير القرطبي ج 3 صفحة 120 . ( 2 ) و ( 3 ) تفسير الآلوسى ج 2 صفحة 134 .
511
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 511