نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 483
ولا شك أنه يدخل في حكمها من حيث الحرمة ما كان مشابها لها في المخاطرة والرهان وأخذ الأموال بدون مقابل مشروع ، أو ضياعها فيما حرمه اللَّه . ومعنى الآية الكريمة : يسألك أصحابك يا محمد عن حكم شرب الخمر ولعب الميسر ، قل لهم على سبيل الإرشاد والإعلام : في تعاطيهما * ( إِثْمٌ كَبِيرٌ ) * أى : ذنب عظيم ، وضرر شديد وذلك لما فيهما من القبائح المنافية لمحاسن الشرع من الكذب ، والأذى ، وشيوع العداوة والبغضاء بين الناس ، واستلاب أموالهم بغير حق . وقوله : * ( ومَنافِعُ لِلنَّاسِ ) * أى وفيهما منافع دنيوية للناس إذ الخمر تدر على المتاجرين فيها أرباحا مالية ، والميسر يؤدى إلى إصابة بعض الناس للمال بدون تعب . وأطلق - سبحانه - الإثم وقيد المنافع بأنها للناس ، للتنبيه على أن الإثم في الخمر والميسر ذاتى ، فهما في ذاتهما رجس كبير ، وخطر وبيل ، وأن ما فيهما من منافع ضئيل ولا يتجاوز بعض الناس ، فهي منافع خاصة وليست عامة ، ويشهد لهذا قوله - تعالى - بعد ذلك . * ( وإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما ) * أى أن المفاسد والاضرار التي تترتب على تعاطيهما ، أعظم من المنافع التي تنشأ عن تعاطيهما ، إذ تعاطيهما يؤدى إلى منفعة بعض الناس ، أما مضارهما فكثيرة ، من ذلك أن تعاطى الخمر يضعف الضمير ، ويفسد الأخلاق ، ويميت الحياء ، ويفقد الرشد ويتلف المال ، ويغرى بالتنازع بين الناس ، ويتسبب - كما قال الأطباء الثقاة - في كثير من الأمراض كأمراض الكبد والرئتين والقلب . . إلخ . وإن شئت المزيد من معرفة مضار الخمر فراجع ما كتبه العلماء والمتخصصون في ذلك « 1 » . أما تعاطى الميسر فمن مضاره - كما يقول الأستاذ الإمام محمد عبده - إفساد التربية بتعويد النفس الكسل ، وانتظار الرزق من الأسباب الوهمية ، وإضعاف القوة العقلية ، بترك الأعمال المفيدة في طرق الكسب الطبيعية ، وإهمال المقامرين للزراعة والتجارة والصناعة التي هي أركان العمران ، وتخريب البيوت فجأة بالانتقال من الغنى إلى الفقر في ساعة واحدة ، فكم من عشيرة كبيرة نشأت في العز والغنى وانحصرت ثروتها في رجل أضاعها عليها في ليلة واحدة فأصبحت غنية وأمست فقيرة » « 2 » . إذن فالمنافع الدنيوية التي تعود إلى بعض الناس من تعاطى الخمر والميسر لا تساوى شيئا
( 1 ) راجع على سبيل المثال « تفسير الجواهر » في معنى الآية للمرحوم طنطاوى جوهرى وتفسير المنار ج 2 ص 321 . ( 2 ) تفسير المنار ج 2 ص 230 .
483
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 483