نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 474
ثم أضاف - سبحانه - إلى جرائمهم السابقة جريمة خامسة فقال : * ( والْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ ) * أى : ما فعله المشركون من إنزال الشدائد بالمؤمنين تارة بإلقاء الشبهات وتارة بالتعذيب ليحملوهم على ترك عقيدتهم أكبر إثما من القتل في الشهر الحرام ، لأن الفتنة عن الدين تفضى إلى القتل الكثير في الدنيا وإلى استحقاق العذاب الدائم في الآخرة . وقيل المراد بالفتنة هنا الكفر . أى : كفركم باللَّه أكبر من القتل في الشهر الحرام . وأصل الفتنة : عرض الذهب على النار ، لاستخلاصه من الغش ، ثم استعملت في الشرك وفي الامتحان بأنواع الأذى والاضطهاد . ويعزى إلى عبد اللَّه بن جحش أنه قال ردا على المشركين عند ما قالوا : استحل محمد وأصحابه القتال في الشهر الحرام . < شعر > تعدون قتلا في الحرام عظيمة وأعظم منه لو يرى الرشد راشد < / شعر > < شعر > صدودكم عما يقول محمد وكفر به ، واللَّه راء وشاهد < / شعر > < شعر > وإخراجكم من مسجد اللَّه أهله لئلا يرى للَّه في البيت ساجد < / شعر > < شعر > فإنا وإن عيّرتمونا بقتله وأرجف بالإسلام باغ وحاسد < / شعر > < شعر > سقينا من ابن الحضرمي رماحنا بنخلة لما أوقد الحرب واقد < / شعر > < شعر > دما ، وابن عبد اللَّه عثمان بيننا ينازعه غل من القد عاند < / شعر > وقوله - تعالى - : * ( ولا يَزالُونَ يُقاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطاعُوا ) * بيان لشدة عداوة الكفار للمؤمنين ودوامها . أى : ولا يزال المشركون يقاتلونكم أيها المؤمنون ويضمرون لكم السوء ويداومون على إيذائكم لكي يرجعوكم عن دين الإسلام إلى الكفر إن استطاعوا ذلك وقدروا عليه . والتعبير بقوله « ولا يزالون » المفيد للدوام والاستمرار للإشعار بأن عداوة المشركين للمسلمين لا تنقطع ، وأنهم لن يكفوا عن الإعداد لقتالهم ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا ، فعلى المؤمنين ألا يغفلوا عن الدفاع عن أنفسهم . و * ( حَتَّى ) * للتعليل أى : لا يزالون يقاتلونكم لكي يردوكم عن دينكم أو بمعنى إلى ، أى : إلى أن يردوكم عن دينكم . والرد : الصرف عن الشيء والإرجاع إلى ما كان عليه قبل ذلك : فغاية المشركين أن يردوا المسلمين بعد إيمانهم كافرين . وقوله : * ( إِنِ اسْتَطاعُوا ) * يدل - كما يقول الزمخشري - على استبعاد استطاعتهم رد المسلمين
474
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 474