نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 475
عن دينهم ، وذلك كقول الرجل لعدوه : إن ظفرت بي فلا تبق على . وهو واثق من أنه لن يظفر به . ويشهد لذلك التعبير بإن المفيدة للشك . وفائدة التقييد بالشرط « إن » التنبيه على سخافة عقول المشركين ، وكون دوام عداوتهم للمؤمنين لن تؤدى إلى النتيجة التي يتمنونها وهي رد المسلمين عن دينهم ، لأن لهذا الدين ربا يحميه ، وأتباعه يفضلون الموت على الرجوع عنه . ثم بين - سبحانه - سوء عاقبة من يرتد عن الإسلام فقال : * ( ومَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِه فَيَمُتْ وهُوَ كافِرٌ ، فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا والآخِرَةِ وأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ ) * . ويرتدد يفتعل من الرد وهو الرجوع عن دينه إلى الكفر . و * ( حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ ) * أى : بطلت وفسدت وأصله من الحبط ، بفتح الباء - وهو أن تأكل الدابة أكلا كثيرا تنتفخ معه بطونها فلا تنتفع بما أكلت ويفسد حالها وربما تموت من ذلك . شبه - سبحانه - حال من يعمل الأعمال الصالحة ثم يفسدها بارتداده فتكون وبالا عليه ، بحال الدابة التي أكلت حتى أصابها الحبط ففسد حالها . والمعنى : ومن يرتدد منكم عن دين الإسلام ، فيمت وهو كافر دون أن يعود إلى الإيمان ، فأولئك الذين ارتدوا وماتوا على الكفر بطلت جميع أعمالهم الصالحة ، وصارت غير نافعة لهم لا في الدنيا بسبب انسلاخهم عن جماعة المسلمين ، ولا في الآخرة بسبب ردتهم وموتهم على الكفر ، وأولئك الذين هذا شأنهم أصحاب النار هم فيها خالدون خلودا أبديا كسائر الكفرة ، ولا يغنى عنهم إيمانهم السابق على الردة شيئا . وجيء بصيغة الافتعال من الردة وهي مؤذنة بالتكلف ، للإشارة إلى أن من باشر الدين الحق وخالطت بشاشته قلبه كان من المستبعد عليه أن يرجع عنه ، فهذا المرتد لم يكن مستقرا على هذا الدين الحق وإنما كان قلقا مضطربا غير مستقر حتى انتهى به الأمر بموته على الكفر لتكلفه الدخول في الدين الحق دون الثبات عليه . وفي قوله : * ( مِنْكُمْ ) * إشعار بأنه لا يتصور أن تتحقق بغية المشركين وهي أن يردوا المسلمين جميعا عن دينهم . بل أقصى ما يتصوره العقلاء أن ينالوا ضعيف الإيمان فيردوه إلى دينهم ، فيكون اللَّه - تعالى - قد نفى خبثه عن هذا الدين ، إذ لا خير في هؤلاء المشركين ولا فيمن عاد إليهم بعد إيمانه ، والكل مأواهم النار وبئس القرار . قال الجمل : ومن شرطية في محل رفع بالابتداء ، يرتدد فعل الشرط ، ومنكم متعلق
475
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 475