نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 464
لا - أيها المؤمنون - إنى أنهاكم أن تظنوا هذا الظن ، وآمركم أن تتيقنوا من أن الظفر بدخول الجنة يستلزم منكم التأسى بمن سبقكم من المتقين في الصبر والثبات . والمعنى على أن * ( أَمْ ) * هنا هي المتصلة - أى المشعرة بمحذوف دل عليه الكلام - : قد خلت من قبلكم أمم أوتوا الكتاب واهتدوا إلى الحق فآذاهم الناس أذى شديدا فصبروا على ذلك أفتصبرون مثلهم على المكاره وتثبتون ثباتهم على الشدائد ؟ أم حسبتم أن تدخلوا الجنة دون أن يصيبكم ما أصابهم ؟ والمعنى على أن * ( أَمْ ) * هنا منقطعة - أى تدل على الإضراب والاستفهام معا - : لقد أوذيتم أيها المؤمنون في سبيل دينكم أذى عظيما ، فعليكم أن تصبروا وأن تثبتوا كما فعل الذين من قبلكم ، أم حسبتم أن تدخلوا الجنة دون ابتلاء وصبر . . أى : بل أحسبتم . . إن كان هذا هو حسبانكم فهو حسبان باطل لا ينبغي لكم . وقوله - تعالى - : * ( مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ . . ) * استئناف وقع جوابا عما ينساق إليه الذهن ، كأنه قيل : كيف مثل أولئك الذين خلوا ومضوا ؟ فكان الجواب مستهم البأساء . . إلخ . ومستهم أى : حلت بهم . وعبر بمستهم للإشعار بأن تلك الشدائد قد أصابتهم بالآلام التي اتصلت بحواسهم وأجسادهم ولكنها لم تضعف إيمانهم إذ حقيقة المس اتصال الجسم بجسم آخر . قال صاحب الكشاف : وقوله : * ( وزُلْزِلُوا ) * أى : أزعجوا إزعاجا شديدا شبيها بالزلزلة بما أصابهم من الأهوال والافزاع « حتى يقول الرسول » أى : إلى الغاية التي قال الرسول ومن معه فيها * ( مَتى نَصْرُ اللَّه ) * أى بلغ بهم الضجر ولم يبق لهم صبر حتى قالوا ذلك . ومعناه طلب النصر وتمنيه ، واستطالة زمان الشدة . وفي هذه الغاية دليل على تناهى الأمر في الشدة وتماديه في العظم لأن الرسل لا يقادر قدر ثباتهم واصطبارهم وضبطهم لأنفسهم ، فإذا لم يبق لهم صبر حتى ضجوا كان ذلك الغاية في الشدة التي لا مطمع وراءها « 1 » « . والمراد بالرسول - كما يقول الآلوسى - الجنس لا واحد بعينه . وقيل : شعياء ، وقيل : أشعياء ، وقيل اليسع . وعلى التعيين يكون المراد من الذين خلوا قوما بأعيانهم وهم أتباع هؤلاء الرسل « 2 » « . وقوله - تعالى - : * ( أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّه قَرِيبٌ ) * استئناف على تقدير القول . أى فقيل لهم حينما
( 1 ) تفسير الكشاف ج 1 صفحة 256 . ( 2 ) تفسير الآلوسى ج 2 صفحة 104 .
464
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 464