نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 422
من رأسه كجراحة وحشرات مؤذية ، فعليه إن حلق فدية من صيام أو صدقة أو نسك . وقوله : * ( فَفِدْيَةٌ ) * مرفوع على أنه خبر لمبتدأ محذوف . أى : فعليه فدية ، وأيضا ففيه إضمار آخر والتقدير : فحلق فعليه فدية . والفدية : هي العوض عن الشيء الجليل النفيس . ولا ريب أن محرمات الحج والعمرة أمور لها جلالها وعظمها . وعبر - سبحانه - هنا بالفدية دون الكفارة ، لأن الذي به مرض أو أذى من رأسه لم يرتكب ذنبا أو إثما حتى يكفر عنه . قال القرطبي : والنسك : جمع نسيكه ، وهي الذبيحة ينسكها العبد للَّه - تعالى - وتكون من الإبل والبقر والغنم - ويجمع - أيضا - على نسائك . والنسك : العبادة في الأصل ، ومنه قوله - تعالى - : وأَرِنا مَناسِكَنا أى : متعبداتنا . وقيل : أصل النسك في اللغة الغسل ومنه نسك ثوبه إذا غسله ، فكأن العابد غسل نفسه من أدران الذنوب بالعبادة . وقيل : النسك سبائك الفضة التي خلصت من الخبث ، كل سبيكة منها نسيكة ، فكأن العابد خلص نفسه من دنس الآثام » « 1 » . وقوله - تعالى - : * ( مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ) * بيان لجنس الفدية . وقد بين النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم مقدار هذه الفدية ، فقد روى الشيخان عن كعب بن عجرة الأنصارى قال : حملت إلى النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم والقمل يتناثر على وجهى فقال : ما كنت أرى أن الجهد قد بلغ بك هذا . . . أما تجد شاة ؟ قلت : لا ! ! قال : صم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع من طعام واحلق رأسك . فنزلت فىّ خاصة وهي لكم عامة . فقد بين النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم مقدار الفدية في هذا الحديث ، وعامة العلماء يرون أن المحرم لعذر كهذا يخير في هذا المقام ، إن شاء صام وإن شاء تصدق وإن شاء ذبح شاة وتصدق بها على المساكين . قال ابن كثير : ولما كان لفظ القرآن في بيان الرخصة جاء بالأسهل فالأسهل ، ولما أمر النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم كعب بن عجرة بذلك أرشده أولا إلى الأفضل فقال : أما تجد شاه ؟ فكل حسن في مقامه » « 2 » . وبعد أن بين - سبحانه كيفية التحلل عند الإحصار ، وكيفية التحلل الجزئى من بعض
( 1 ) تفسير القرطبي ج 2 ص 386 . ( 2 ) تفسير ابن كثير ج 1 ص 233 .
422
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 422