نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 421
وهذا رأى الأحناف ، فقد قرروا أن المراد بالمحل البيت الحرام ، فهو اسم مكان ، لأن اللَّه - تعالى - قد قال في آية أخرى : ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ « 1 » ، وعليه فلا يجوز للمحصر أن يحلق ويتحلل إلا بعد أن يصل الهدى الذي يرسله إلى البيت الحرام ويذبح . أما جمهور الفقهاء فيرون أن محل الهدى للمحصر هو المكان الذي حدث فيه الإحصار ، ودليلهم أن الرسول صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قد نحر هو وأصحابه هديهم بالحديبية وهي ليست من الحرم ، وذلك عند ما منعه المشركون من دخول مكة . وقد أجاب الأحناف على ذلك بأن محصر رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم كما يقول الآلوسى - « 2 » كان في طريق الحديبية بأسفل مكة ، والحديبية متصلة بالحرم . وعلى رأى جمهور الفقهاء يكون المعنى : ولا تتحللوا من إحرامكم بالحلق حتى تذبحوا الهدى في الموضع الذي أحصرتم فيه ، فإذا تم الذبح فاحلقوا وتحللوا . والخطاب على كلا المعنيين يكون للمحصرين ، لأنه أقرب مذكور . ويرى المحققون من العلماء أن رأى جمهور الفقهاء أكثر اتفاقا مع السنة النبوية ، وفيه تسهيل على المحصرين ، والمناسب لهم هو التيسير لا التعسير ، ولا شك أن ذبحهم لهديهم في مكان إحصارهم أيسر لهم ، وحملوا قوله - تعالى - : * ( ولا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّه ) * على أنه خطاب عام لجميع المكلفين لا فرق بين محصر وغير محصر ، وأن المقصود من الجملة الكريمة هو البيان العام لمكان التحلل وزمانه ، أما مكان الذبح عند الإحصار فقد بينه النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم بذبحه لهديه في الحديبية وهي ليست من الحرم عند المحققين . قال الإمام الرازي : ومنشأ الخلاف البحث في تفسير هذه الآية ، فقد قال الشافعى وغيره : المحل في هذه الآية اسم للزمان الذي يحصل فيه التحلل وقال أبو حنيفة : إنه اسم للمكان « 3 » . وبعد أن بين - سبحانه - أن الحلق لا يجوز للمحرم ما دام مستمرا على إحرامه ، أردف ذلك ببيان بعض الحالات التي يجوز فيها للمحرم أن يحلق رأسه مع استمراره على إحرامه فقال - تعالى - : * ( فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِه أَذىً مِنْ رَأْسِه ، فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ) * . أى : فمن كان منكم - أيها المحرمون - مريضا بمرض يضطر معه إلى الحلق ، أو كان به أذى
( 1 ) سورة الحج الآية 33 . ( 2 ) تفسير الآلوسى ج 2 ص 81 . ( 3 ) تفسير الفخر الرازي ج 5 ص 163 .
421
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 421