نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 362
الحجج والبراهين على أن البعث حق وضرب الأمثال لذلك ، وسفه عقول المنكرين له . ثم ذكرت الإيمان بالملائكة والملائكة : أجسام لطيفة نورانية ، قادرون على التشكل في صورة حسنة مختلفة ، وصفهم القرآن بأنهم لا يَعْصُونَ اللَّه ما أَمَرَهُمْ ويَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ . ووجه دخول التصديق بهم في حقيقة الإيمان ، أن اللَّه وسطهم في إبلاغ وحيه لأنبيائه ، وبين ذلك في كتابه ، وتحدث الصادق المصدوق صلَّى اللَّه عليه وسلَّم عنهم في كثير من أحاديثه ، فمن لم يؤمن بالملائكة على هذا الوجه الذي جاءت به الشريعة فقد أنكر الوحى ، إذ الإيمان بهم أصل للإيمان بالوحي ، فيلزم من إنكارهم إنكار الوحى ، وهو يستلزم إنكار النبوة وإنكار الدار الآخرة . ثم ذكرت الآية الإيمان بالكتاب . والمراد به القرآن لأنه المقصود بالدعوة ، ولأنه هو الأمين على الكتب قبله ، فما وافقه منها كان حقا وما خالفه كان باطلا . والإيمان به يستلزم الإيمان بجميع الكتب المنزلة من عند اللَّه على أنبيائه ، لأنه هو الذي أخبرنا بذلك وأمرنا بذلك وأمرنا بأن نؤمن باللَّه وملائكته وكتبه ورسله . ثم ذكرت الإيمان بالنبيين ، أى : التصديق بأنهم رجال اصطفاهم اللَّه - تعالى - لتلقى هدايته وكتبه وتبليغها للناس بصدق وأمانة وسلامة بصيرة . والنبيون الذين يجب الإيمان بهم : كل من ثبتت نبوته عن طريق القرآن الكريم أو الحديث الصحيح ، وكل من أنكر نبوة نبي قد ثبتت نبوته فقد خرج عن طريق الإيمان . ولقد قام الدليل القاطع على أن محمدا صلَّى اللَّه عليه وسلَّم هو خاتم النبيين والمرسلين ، وكل من ادعى غير ذلك فهو من الضالين المضلين . وقد جمعت هذه الأمور الخمسة التي ذكرتها الآية كل ما يلزم أن يصدق به الإنسان ، لكي يكون ذا عقيدة سليمة ، تصل به إلى الفلاح والسعادة . ثم ذكرت الآية بعد بيان أصول الإيمان أصول الأعمال الصالحة فقالت . * ( وآتَى الْمالَ عَلى حُبِّه ، ذَوِي الْقُرْبى ، والْيَتامى ، والْمَساكِينَ ، وابْنَ السَّبِيلِ والسَّائِلِينَ ، وفِي الرِّقابِ ) * . وهذه الجملة معطوفة على قوله - تعالى - : * ( مَنْ آمَنَ بِاللَّه ) * . والضمير في قوله * ( عَلى حُبِّه ) * يعود إلى المال ، أى : أعطى المال وبذله عن طيب خاطره حالة كونه محبا له راغبا فيه . لأن الإعطاء والبذل في هذه الحالة يدل على قوة الإيمان ، وصفاء الوجدان ، ويسمو بصاحبه إلى أعلا الدرجات . قال - تعالى - : لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ . وقد بين النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم أن أفضل الصدقة ما كان في حال الصحة ، لأن الإنسان في هذه الحالة
362
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 362