نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 334
وتصريفها : تقليبها في الجهات المختلفة ، ونقلها من حال إلى حال ، وتوجيهها على حسب إرادته - سبحانه - ووفق حكمته . فتهب تارة صبا ، أى من مطلع الشمس ، وتارة دبورا ، أى : من جهة الغرب ، وأحيانا من جهة الشمال أو الجنوب وقد يرسلها - سبحانه - عاصفة ولينة ، حارة أو باردة ، لواقح بالرحمة حينا وبالعذاب آخر . و * ( تَصْرِيفِ ) * مصدر صرف مضاف للمفعول والفاعل هو اللَّه ، أى : وتصريف اللَّه الرياح . أو مضاف للفاعل والمفعول السحاب ، أى : وتصريف الرياح السحاب . وجاءت هذه الجملة الكريمة بعد إحياء الأرض بالمطر وبث الدواب فيها للتناسب بينهما ، وتذكيرا بالسبب إذ بالرياح تكون حياة النبات والحيوان وكل دابة على الأرض ، ولو أمسك - سبحانه - الرياح عن التصريف لما عاش كائن على ظهر الأرض . * ( والسَّحابِ ) * : عطف على ما قبله ، وهو اسم جنس واحده سحابة ، سمى بذلك لانسحابه في الجو أو لجر الرياح له . و * ( الْمُسَخَّرِ ) * : من التسخير وهو التذليل والتيسير ، ومعنى تسخيره - كما قال الآلوسى - أنه لا ينزل ولا يزول مع أن الطبع يقتضى صعوده إن كان لطيفا وهبوطه إن كان كثيفا - و * ( الْمُسَخَّرِ ) * صفة للسحاب باعتبار لفظه ، وقد يعتبر معناه فيوصف بالجمع كما في قوله : سَحاباً ثِقالًا . والظرف « بين » يجوز أن يكون منصوبا بقوله المسخر فيكون ظرفا للتسخير ، ويجوز أن يكون حالا من الضمير المستتر في اسم المفعول فيتعلق بمحذوف أى : كائنا بين السماء والأرض . وجاء ذكر السحاب بعد تصريف الرياح لأنها هي التي تثيره وتجمعه ، وهي التي تسوقه إلى حيث ينزل مطرا في الأماكن التي يريد اللَّه إحياءها . قال - تعالى - : اللَّه الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَيَبْسُطُه فِي السَّماءِ كَيْفَ يَشاءُ ويَجْعَلُه كِسَفاً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِه . ولا شك أن هذا التصريف للرياح مع أنها جسم لطيف لا يمسك ولا يرى ، وهي مع ذلك في غاية القوة بحيث تقلع الأشجار وتخرب الديار ، وهذا التسخير للسحاب بحيث يبقى معلقا بين السماء والأرض مع حمله للمياه العظيمة التي تسيل بها الأودية المتسعة . . . لا شك أن كل ذلك من أعظم الأدلة على أن لهذا الكون مدبرا قادرا حكيما هو اللَّه رب العالمين . وقوله : * ( لآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ) * اسم * ( إِنَّ ) * لقوله - تعالى - في أول الآية : * ( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ والأَرْضِ ) * ودخلت اللام على الاسم وهو * ( لآياتٍ ) * لتأخره عن الخبر والتنكير للتعظيم والتفخيم كما وكيفا .
334
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 334