نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 333
في هذه الآية : * ( وما أَنْزَلَ اللَّه مِنَ السَّماءِ مِنْ ماءٍ فَأَحْيا بِه الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها ، وبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ ) * . والمراد بالسماء : جهة العلو ، أى : وما أنزل من جهة السماء من ماء ، و « من » في قوله : * ( مِنَ السَّماءِ ) * ابتدائية ، وفي قوله : * ( مِنْ ماءٍ ) * بيانية ، وهما ومجرورهما متعلقان بأنزل . والمراد بإحياء الأرض : تحرك القوى النامية فيها ، وإظهار ما أودع اللَّه فيها من نبات وزهور وثمار وغير ذلك . والمراد بموتها : خلوها من ذلك باستيلاء اليبوسة والقحط عليها . قال - تعالى - : وتَرَى الأَرْضَ هامِدَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ ورَبَتْ وأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ . ( والبث ) : التفريق والنشر لما كان خافيا ، ومنه بث الشكوى أى : نشرها وإظهارها ، وكل شيء بثثته فقد فرقته ونشرته ، والضمير في قوله : « فيها » يعود إلى الأرض . ( والدابة ) : اسم من الدبيب والمشي ببطء ، كل ما يمشى فوق الأرض فهو بحسب الوضع اللغوي يطلق عليه دابة . والظاهر أن المراد بالدابة هنا هذا المعنى العام ، لا ما يجرى به العرف الخاص باستعماله في نوع خاص من الحيوان كذوات الأربع . وجملة * ( وما أَنْزَلَ اللَّه مِنَ السَّماءِ مِنْ ماءٍ . . . ) * معطوفة على ما قبلها ، وجملة * ( وبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ ) * معطوفة على قوله : * ( فَأَحْيا بِه الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها ) * . والمعنى : وإن فيما أنزله اللَّه من جهة السماء من ماء مبارك ، عمرت به الأرض بعد خرابها ، وانتشرت فيها أنواع الدواب كلها ، لدليل ساطع على قدرة اللَّه ووحدانيته . ذلك لأنه هو وحده الذي أنزل المطر من السماء ولو شاء لأمسكه مع أن الماء من طبعه الانحدار ، وهو وحده الذي جعل الأرض التي نعيش عليها تنبت من كل زوج بهيج بسبب ما أنزل عليها من ماء ، وهو وحده الذي نشر على هذه الأرض أنواعا من الدواب مختلفة في طبيعتها وأحجامها ، وأشكالها وألوانها ، وأصواتها ، ومآكلها ، وحملها ، وتناسلها ، ووجوه الانتفاع بها ، وغير ذلك من وجوه الاختلاف الكثيرة ، مما يشهد بأن خالق هذه الكائنات إله واحد قادر حكيم . أما الدليل السابع والثامن في هذه الآية على قدرته - سبحانه - ووحدانيته واستحقاقه للعبادة فهما قوله - تعالى - : * ( وتَصْرِيفِ الرِّياحِ والسَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ والأَرْضِ ) * . الرياح جمع ريح وهي نسيم الهواء .
333
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 333