نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 321
الاستشكال . وقد روى العلماء في سبب نزولها عدة روايات منها : ما رواه البخاري عن عروة بن الزبير قال : سألت عائشة - رضي اللَّه عنها - قلت لها : أرأيت قوله - تعالى - : * ( إِنَّ الصَّفا والْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّه فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْه أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما . . . ) * فو اللَّه ما على أحد جناح أن لا يطوف بالصفا والمروة ؟ قالت بئس ما قلت يا ابن أختى ! ! إن هذه الآية لو كانت كما أولتها لكانت : لا جناح عليه أن لا يطوف بهما ، ولكن الآية أنزلت في الأنصار . كانوا قبل أن يسلموا يهلون لمناة الطاغية ، التي كانوا يعبدونها عند المشعر . فكان من أهل يتحرج أن يتطوف بالصفا والمروة . فلما أسلموا سألوا رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم عن ذلك ؟ فقالوا : يا رسول اللَّه : إنا كنا نتحرج أن نطوف بين الصفا والمروة ، فأنزل اللَّه - تعالى - هذه الآية . قال عائشة : وقد سن رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم الطواف بينهما ، فليس لأحد أن يترك الطواف بينهما « 1 » . وهناك رواية لمسلَّم عن عروة عن عائشة تشبه ما جاء في رواية البخاري ، وهناك رواية للنسائى عن زيد بن حارثة قال : كان على الصفا والمروة صنمان من نحاس يقال لهما « إساف ونائلة » كان المشركون إذا طافوا تمسحوا بهما . وهناك رواية للطبراني وابن أبى حاتم بإسناد حسن من حديث ابن عباس قال : قالت الأنصار : إن السعى بين الصفا والمروة من أمر الجاهلية فأنزل اللَّه هذه الآية « 2 » . فيؤخذ من هذه الروايات أن بعض المسلمين كانوا يتحرجون من السعى بين الصفا والمروة لأسباب من أهمها أن هذا السعى كان من شعائرهم في الجاهلية فقد كانوا يهلون - أى يحرمون - لمناة ، ثم يسعون بينهما ليتمسحوا بصنمين عليهما ، وهم لا يريدون أن يعملوا في الإسلام شيئا مما كان من أمر الجاهلية لأن دين الإسلام الذي خالط أعماق قلوبهم هز أرواحهم هزا قويا وجعلهم ينظرون بجفوة وازدراء واحتراس إلى كل ما كانوا عليه في الجاهلية من أعمال تتنافى مع تعاليم دينهم الجديد ، فنزلت هذه الآية الكريمة لتزيل التحرج الذي كان يتردد في صدورهم من السعى بين الصفا والمروة . وهذا يدل على قوة إيمانهم ، وصفاء يقينهم ، وتحرزهم من كل قول أو عمل يشم منه رائحة التعارض مع العقيدة التي جعلتهم يخلصون عبادتهم للَّه الواحد القهار . وقوله * ( ومَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللَّه شاكِرٌ عَلِيمٌ ) * تذييل قصد منه الإتيان بحكم كلى في أفعال الخيرات كلها ، وقيل إنه تذييل لما أفادته الآية من الحث على السعى بين الصفا والمروة .
( 1 ) أخرجه البخاري في كتاب الحج ج 2 ص 193 ( 2 ) راجع تفسير القاسمى ج 2 ص 344 .
321
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 321