responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 244


ومعنى الآية الكريمة : أحب وتمنى عدد كثير من اليهود الذين هم أهل كتاب ، أن ينقلوكم أيها المؤمنون من الإيمان إلى الكفر ، حسدا لكم وبغضا لدينكم ، من بعد ما ظهر لهم أنكم على الحق باتباعكم محمدا صلَّى اللَّه عليه وسلَّم فلا تهتموا بهم ، بل قابلوا أحقادهم وشرورهم بترك عقابهم ، والإعراض عن أذاهم ، حتى يأذن اللَّه لكم فيهم بما فيه خيركم ونصركم ، فإنه - سبحانه - على كل شيء قدير « .
وقوله تعالى : * ( وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفَّاراً ) * بيان للون من ألوان الشرور التي يضمرها أهل الكتاب وعلى رأسهم اليهود ، وهو تمنيهم ارتداد المسلمين عن دينهم الحق ، إلى الكفر الذي أنقذهم اللَّه - تعالى - منه .
وإنما أسند - سبحانه - هذا التمني الذميم إلى الكثرة منهم ، إنصافا للقلة المؤمنة التي لم ترتض أن ينتقل المسلمون إلى الكفر بعد أن هداهم اللَّه إلى الإسلام .
وقوله تعالى : * ( مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ ) * مبالغة في ذمهم بسبب ما تمنوه وأحبوه إذ ودوا - وهم أهل كتاب - أن يحل الكفر محل الإيمان ، وفيه إشعار بأن ما تمنوه بعيد الحصول لأن الإيمان متى خالطت بشاشته القلوب ، منع صاحبه من الانتقال إلى الكفر .
ثم بين - سبحانه - أن الذي حملهم على هذا التمني الذميم هو الحقد والحسد ، فقال تعالى : * ( حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ ) * أى : أن هذا التمني لم يكن له من سبب أو علة سوى الحسد الذي استولى على نفوسهم ، واستحوذ على قلوبهم فجعلهم يحسدون المؤمنين على نعمة الإيمان ويتمنون التحول عنه إلى الكفر ، فالجملة الكريمة علة لما تضمنته الجملة السابقة من محبتهم نقل المؤمنين إلى الكفر .
قال فضيلة المرحوم الشيخ محمد الخضر حسين : « والحسد : قلق النفس من رؤية نعمة يصيبها إنسان ، وينشأ عن هذا القلق تمنى زوال تلك النعمة عن الغير وتمنى زوال النعم مذموم بكل لسان ، إلا نعمة أصابها فاجر أو جائر يستعين بها على الشر والفساد ، فإن تمنى زوالها كراهية للجور والفساد لا يدخل في قبيل الحسد المذموم فإن لم تتمن زوال النعمة عن شخص وإنما تمنيت لنفسك مثلها فيه الغبطة والمنافسة ، وهي محمودة لأنها قد تنتهي بالشخص إلى اكتساب محامد لو لا المنافسة لظل في غفلة عنها ، والحسد قد يهجم على الإنسان ولا يكون في وسعه دفعه لشدة النفرة بينه وبين المحسود ، وإنما يؤاخذ الإنسان على رضاه به ، وإظهار ما يستدعيه من القدح في المحسود ، والقصد إلى إزالة النعمة عنه » « 1 » .


( 1 ) مجلة لواء الإسلام السنة الثالثة العدد 5 ص 6 .

244

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 244
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست