نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 224
باللَّه ورسوله محمد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم كما أرشدتهم إليه التوراة ، * ( واتَّقَوْا ) * المعاصي والآثام لأثيبوا مثوبة من عند اللَّه هي خير لهم مما آثروه واختاروه على كتاب اللَّه * ( لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ ) * . وقوله تعالى : * ( ولَمَّا جاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّه مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ كِتابَ اللَّه وَراءَ ظُهُورِهِمْ ) * . . إلخ الآية . بيان لما صدر عن اليهود من تكذيب للرسول صلَّى اللَّه عليه وسلَّم وطرح لتعاليم كتابهم التي أمرتهم باتباعه . أخرج ابن جرير عن السدى قال في قوله تعالى : * ( ولَمَّا جاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّه مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ : كِتابَ اللَّه وَراءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ واتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ ) * . أى لما جاءهم محمد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم عارضوه بالتوراة فخاصموه بها . فاتفقت التوراة والقرآن ، فنبذوا التوراة والقرآن وأخذوا بكتاب آصف وسحر هاروت ، فذلك قول اللَّه * ( كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ ) * أى كأن هؤلاء الذين نبذوا كتاب اللَّه من علماء اليهود ، فنقضوا عهد اللَّه ، لا يعلمون ما في التوراة من الأمر باتباع محمد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم وتصديقه « 1 » . وفي وصف الرسول بأنه آت من عند اللَّه تعظيم له ، ومبالغة في انكار عدم إيمانهم به ، وإغراء للناس جميعا بالدخول في دعوته ، لأنه ليس رسولا من تلقاء نفسه ، وإنما هو رسول من عند اللَّه - تعالى - : والمراد « بما معهم » التوراة . وتصديق الرسول صلَّى اللَّه عليه وسلَّم لها ، معناه أن ما جاء به من تعاليم موافق لها في أصول الدين ، وأن ما جاءت به من صفات للرسول المنتظر بعد عيسى - عليه السلام - لا تنطبق إلا عليه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم . وعبر - سبحانه - عن تركهم العمل بالكتاب الذي نزل لهدايتهم بالنبذ ، مبالغة في عدم اعتدادهم ، وتناسيهم إياه ، لأن أصل النبذ طرح وإلقاء ما لا يعتد به . وفي إسناد النبذ إلى فريق من الذين أوتوا الكتاب ، سخرية بهم ، واستجهال لهم ، لأن الذين أوتوه هم الذين نبذوه ، ولو كان النابذون من المشركين لكان لهم بعض العذر لجهلهم ، ولكن أن يكون التاركون للنور هم الذين أوتوه وأكرموا به ، فذلك هو الضلال المبين . والمراد من * ( كِتابَ اللَّه ) * الذي نبذوه لما جاءهم رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم التوراة ، لأنهم لو كانوا مؤمنين بها حقا ، لاتبعوا الرسول صلَّى اللَّه عليه وسلَّم الذي ذكرت صفاته فيها ، والذي وجب عليهم بمقتضى كتابهم التوراة الإيمان به ، فهم بجحودهم لنبوته ، يكونون جاحدين لتوراتهم التي شهدت له بالصدق .
( 1 ) تفسير ابن جرير ج 1 ص 443 بتصرف وتلخيص .
224
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 224