responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 225


وقيل المراد بكتاب اللَّه الذي نبذوه القرآن ، لأنهم لم يؤمنوا به ، بل تركوه بعد سماعه ، وتناسوا ما اشتمل عليه من هداية وإرشاد ، مع أنه كان من المتحتم عليهم أن يتلقوه بالقبول .
والذي نراه أن الرأى الأول أرجح ، لأن النبذ يقتضى سابقة الأخذ ، في الجملة . وهو متحقق بالنسبة للتوراة ، بخلاف القرآن الكريم فإنهم لم يسبق لهم أن تمسكوا به ، ولأن مذمتهم تكون أشد وجحودهم أكثر ، إذا كان المراد بالكتاب الذي نبذوه ، هو عين الكتاب الذي نزل لهدايتهم وآمنوا به وهو التوراة .
وقوله تعالى : * ( وَراءَ ظُهُورِهِمْ ) * كناية عن إعراضهم الشديد عنه ، وتوليهم عن تعاليمه .
تقول العرب : جعل هذا الأمر وراء ظهره ، أى تولى عنه معرضا ، لأن ما يجعل وراء الظهر لا ينظر إليه ، ففي هذه الجملة الكريمة تصوير صادق لإعراضهم عن كتاب اللَّه - تعالى - حيث شبه - سبحانه - تركهم لكتابه ، بحالة شيء يرمى به وراء الظهر استهانة به . وفي إضافة الوراء إلى الظهر ، تأكيد لنبذ ما ترك بحيث لا يؤخذ بعد ذلك .
قال الأستاذ الإمام : ليس المراد بنبذ الكتاب وراء ظهورهم أنهم طرحوه برمته ، وتركوا التصديق به في جملته وتفصيله . وإنما المراد أنهم طرحوا أجزاء منه وهو ما يبشر بالنبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم ويبين صفاته ويأمرهم بالإيمان به واتباعه . فهو تشبيه لتركهم إياه وإنكاره ، بمن يلقى الشيء وراء ظهره حتى لا يراه فيتذكره ، وترك الجزء منه كتركه كله ، لأن ترك البعض يذهب بحرمة الوحى من النفس ، ويجزئ على ترك الباقي « 1 » . . .
وقوله تعالى : * ( كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ ) * جملة حالية ، أى طرحوه وراء ظهورهم مشبهين بحال من لا يعلم منه شيئا ، ومن لا يعرف أنه كتاب اللَّه .
وشبههم بمن لا يعلمون مع أنهم في الواقع يعلمون أنه من عند اللَّه - حق العلم - لأنهم نبذوه مكابرة وعنادا ، ولأنهم لم يعملوا بمقتضى علمهم ومن كان هذا شأنه فهو والجاهل سواء ، في جحود الحق والانغماس في الآثام .
وقال - سبحانه - : * ( كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ ) * بنفي الحال والاستقبال للإشعار بأنهم قوم لا أمل في توبتهم وإنابتهم ، بل هم تمر بهم الأيام ، وتتوالى عليهم العظات ، ومع ذلك لا يتوبون ولا يرجعون إلى الحق ، فهم مستمرون على طرح كتاب اللَّه في كل وقت وآن ، ومصممون على ذلك .
ثم حكى - سبحانه - لونا آخر من زيغهم وضلالهم واتباعهم للأباطيل بعد أن وبخهم على


( 1 ) تفسير المنار ج 1 ص 346 .

225

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 225
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست