responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 155


قلت : معناه أنهم قتلوهم بغير الحق عندهم ، لأنهم لم يقتلوا ولا أفسدوا في الأرض فيقتلوا ، وإنما نصحوهم ودعوهم إلى ما ينفعهم فقتلوهم ، فلو سئلوا وأنصفوا من أنفسهم لم يذكروا وجها يستحقون به للقتل عندهم » « 1 » .
وقال الإمام الرازي : « فإن قيل : قال هنا * ( ويَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ) * وقال في آل عمران ويَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ فما الفرق ؟ قلت . إن الحق المعلوم فيما بين المسلمين الذي يوجب القتل يتجلى في حديث : « لا يحل دم امرئ مسلَّم إلا بإحدى ثلاث : « كفر بعد إيمان ، وزنا بعد إحصان ، وقتل نفس بغير حق » فالحق المذكور هنا بحرف التعريف إشارة إلى هذا وأما الحق المنكر فالمراد به تأكيد العموم ، أى لم يكن هناك أى حق يستندون إليه ، لا هذا الذي يعرفه المسلمون ولا غيره البتة » « 2 » .
ثم قال تعالى : * ( ذلِكَ بِما عَصَوْا وكانُوا يَعْتَدُونَ ) * .
العصيان : الخروج عن طاعة اللَّه . والاعتداء : تجاوز الحد الذي حده اللَّه - تعالى - لعباده إلى غيره . وكل متجاوز حد شيء إلى غيره فقد تعداه إلى ما جاوز إليه . وللمفسرين في مرجع الإشارة « ذلك » رأيان :
أحدهما : أنه يعود إلى كفرهم بآيات اللَّه وقتلهم الأنبياء ، وعليه يكون المعنى :
إن هؤلاء اليهود قد مرنوا على عصيانهم لخالقهم ، وتعديهم حدوده بجرأة وعدم مبالاة فنشأ عن هذا التمرد والطغيان أن كفروا بآيات اللَّه - تعالى - وامتدت أيديهم الأثيمة إلى قتل الأنبياء بقلوب كالحجارة أو أشد قسوة .
والجملة الكريمة على هذا الرأى تفيد أن التردي في المعاصي وارتكاب المناهي ، وتجاوز الحدود المشروعة ، يؤدى إلى الانتقال من صغير الذنوب إلى كبيرها ، ومن حقيرها إلى عظيمها ، لأن هؤلاء اليهود لما استمرؤا المعاصي وداوموا على تعدى الحدود ، هانت على نفوسهم الفضائل ، وانكسرت أمام شهواتهم كل المثل العليا ، فكذبوا بآيات اللَّه تكذيبا وقتلوا من جاءهم بالهدى ودين الحق .
والثاني : يرى أصحابه أن اسم الإشارة الثاني يعود إلى نفس المشار إليه باسم الإشارة الأول ، وتكون الحكمة في تكرار الإشارة هو تمييز المشار إليه حرصا على معرفته ويكون العصيان والاعتداء سببين آخرين لضرب الذلة والمسكنة عليهم ، واستحقاقهم لغضب اللَّه - تعالى -


( 1 ) تفسير الكشاف ج 1 ص 217 . ( 2 ) تفسير الفخر الرازي ج 1 ص 390 .

155

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 155
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست