responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 74


خارت عزيمته ، وفترت همته .
هذا ، وقد استفاضت الأحاديث النبوية التي تدعو إلى توحيد اللَّه ، وتنهى عن الإشراك ، ومن ذلك ما جاء في الصحيحين عن عبد اللَّه بن مسعود قال : قلت يا رسول اللَّه أى الذنب أعظم عند اللَّه ؟ ( قال أن تجعل للَّه ندا وهو خلقك ) .
قال الإمام ابن كثير : وهذه الآية دالة على توحيده - تعالى - بالعبادة وحده لا شريك له ، فإن من تأمل هذه الموجودات السفلية والعلوية واختلاف أشكالها وألوانها وطباعها ومنافعها ، علم قدرة خالقها وحكمته وعلمه وإتقانه وعظيم سلطانه ، كما قال بعض الأعراب وقد سئل :
ما الدليل على وجود اللَّه - تعالى - ؟ فقال : يا سبحان اللَّه ! ! إن البعر ليدل على البعير وإن أثر القدم يدل على المسير ، فسماء ذات أبراج ، وأرض ذات فجاج ، وبحار ذات أمواج ، ألا يدل هذا على وجود اللطيف الخبير ) « 1 » .
وبعد أن ساق - سبحانه - في هاتين الآيتين البراهين الساطعة الدالة على وحدانية اللَّه ونفى عقيدة الشرك ، أورد بعد ذلك الدلائل الدالة على صدق النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم فيما يبلغه عن ربه ، وعلى أن هذا القرآن ليس من صنع بشر ، وإنما هو كلام واهب القوى والقدر فقال - تعالى - :
[ سورة البقرة ( 2 ) : الآيات 23 الى 24 ] وإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِه وادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّه إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ( 23 ) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا ولَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ والْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ ( 24 ) ففي هاتين الآيتين انتقال لإثبات الجزء الثاني من جزأى الإيمان ، وهو صدق النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم في رسالته ، بعد أن تم إثبات الجزء الأول من ذلك وهو وحدانية اللَّه - تعالى - وعظيم قدرته .
والمعنى : إن رتبتم أيها المشركون في شأن هذا القرآن الذي أنزلناه على عبدنا محمد على مهل وتدريج ، فأتوا أنتم بسورة من مثله في سمو الرتبة ، وعلو الطبقة واستعينوا على ذلك بآلهتكم وبكل من تتوقعون منهم العون ، ليساعدوكم في مهمتكم ، أو ليشهدوا لكم أنكم أتيتم بما يماثله ، إن كنتم صادقين في زعمكم أنكم تقدرون على معارضة القرآن الكريم .


( 1 ) تفسير ابن كثير ج 1 ص 58 .

74

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 74
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست