responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 73


ثم قال - تعالى - * ( وأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِه مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ ) * :
السماء : السحاب . والثمرات : ما ينتجه الشجر . والرزق : ما يصلح لأن ينتفع به . والباء في . ( به ) للسببية .
أى : أنه جعل الماء سببا في خروج الثمرة ، وهو القادر على أن ينشئها بلا سبب كما أنشأ الأسباب .
وأورد * ( ماءً ) * و * ( رِزْقاً ) * في صيغة التنكير التي تستعمل عند إرادة بعض أفراد المعنى الذي وضع له اللفظ لغة ، وذلك لأن من الماء ما لم ينزل من السماء ، ومن الرزق ما لا يكون من الثمرات . فمعنى الجملة الكريمة : أنزل من السماء بعض الماء ، فأخرج به من الثمرات بعض ما يكون رزقا لكم .
ثم قال - تعالى - * ( فَلا تَجْعَلُوا لِلَّه أَنْداداً وأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) * .
الأنداد : جمع ند ، وهو مثل الشيء الذي يضاده وينافره ويتباعد عنه .
وأصله من : ند البعير يند ندا وندادا وندا ، إذا تفرد وذهب على وجهه شاردا .
والمعنى : فلا تجعلوا للَّه أمثالا ونظراء تعبدونها وتسمونها آلهة ، وتعتقدون فيها النفع والضر ، وتجعلون لها ما للَّه تعالى وحده ، وأنتم تعلمون أنها أشياء لا يصح جعلها أندادا مساوية له تعالى * ( وأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) * أى : وأنتم من ذوى العلم والنظر ، فلو تأملتم أدنى تأمل لانصرفتم بقوة إلى عبادة اللَّه وحده . ولتركتم الإشراك به .
وصدرت الجملة الكريمة بالفاء لترتبها على الكلام السابق ، المترتب على الأمر بعبادة اللَّه وحده .
وسمى القرآن الشركاء المزعومين أندادا تهكما بالعابدين لها ، ولأن المشركين لما تركوا عبادة اللَّه إلى عبادة الأوثان ، وسموها آلهة شابهت حالهم حال من يعتقد أنها آلهة ، قادرة على مخالفته ومضادته ، وذلك معنى جعلها أندادا الذي هو مصب النهى في الآية .
وجملة ( وأنتم تعلمون ) ، حالية ، ومفعول تعلمون متروك ، لأن الفعل لم يقصد تعليقه بمفعول ، بل قصد إثباته لفاعله فقط فنزل منزلة اللازم ، وفي هذه الجملة مبالغة في زجرهم عن عبادة الأوثان من دون اللَّه ، لأن ارتكاب الباطل من الجاهل قبيح ، وهو من العالم ببطلانه أشد قبحا ، وأدعى إلى أن يقابل بأغلظ ألوان الإنكار . كما أن فيها إثارة لهممهم ليقلعوا عن عبادة غير اللَّه ، فإن من كان من ذوى العلم لا يصح منه أن يفعل أفعال من لا عقل له ، وهذا لون جليل من ألوان التربية ، فإن من سمات المربى الناجح أن يجمع بين القسوة في النهى عن القبيح ، وبين إثارة همة الموعوظ حتى لا يقتل همته باليأس ، لأن الإنسان إذا ساءت ظنونه بنفسه

73

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 73
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست