نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 75
والمقصود بقوله : * ( وإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا . . . ) * نفى الريب عن المنزل عليه وهو محمد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم بنفيه عن المنزل وهو القرآن الكريم . والتعبير عن اعتقادهم في حقه بالريب للإيذان بأن أقصى ما يمكن صدوره عنهم هو الارتياب في شأنه ، أو للتنبيه على أن كلامهم في شأن القرآن هو بمنزلة الريب الضعيف لكمال وضوح الدلائل الدالة على أن القرآن من عند اللَّه - تعالى - . وعبر بقوله : * ( وإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ ) * ولم يقل : وإن ارتبتم فيما نزلنا ، للإشارة إلى أن ذات القرآن لا يتطرق إليها ريب ، ولا يطير إلى أفقها شرارة من شك ، وأنه إن أثير حوله أى شك فمرجعه إلى انطماس بصيرتهم ، وضعف تفكيرهم ، واستيلاء الحقد والعناد على نفوسهم . وأتى بإن المفيدة للشك مع أن كونهم في ريب مما نزل على النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم أمر محقق ، تنزيلا للمحقق منزلة المشكوك فيه ، وتنزيها لساحة القرآن عن أن يتحقق الشك فيه من أى أحد ، وتوبيخا لهم على وضعهم الأمور في غير مواضعها . ووجه الإتيان بفي الدالة على الظرفية ، للإشارة إلى أنهم قد امتلكهم الريب وأحاط بهم إحاطة الظرف بالمظروف . وقال * ( نَزَّلْنا ) * دون أنزلنا ، لأن المراد النزول على سبيل التدريج ، ومن المعروف أن القرآن قد نزل منجما في مدة تزيد على عشرين سنة . قال صاحب الكشاف : ( فإن قلت : لم قيل : ( مما نزلنا ) على لفظ التنزيل دون الإنزال ؟ قلت : لأن المراد النزول على سبيل التدريج والتنجيم وذلك أنهم كانوا يقولون : لو كان هذا القرآن من عند اللَّه ، لم ينزل هكذا نجوما سورة بعد سورة ، وآيات عقب آيات ، على حسب النوازل ، وعلى سنن ما نرى عليه أهل الخطابة والشعر من وجود ما يوجد منهم مفرقا حينا فحينا حسب ما يعن لهم من الأحوال المتجددة . . . فقيل لهم : إن ارتبتم في هذا الذي وقع إنزاله هكذا على مهل وتدريج ، فهاتوا أنتم نوبة واحدة من نوبه ، وهاتوا نجما فردا من نجومه : سورة من أصغر السور ، أو آيات شتى مفترقات ، وهذا غاية التبكيت ومنتهى إزاحة العلل ) « 1 » أه ملخصا . والمراد بالعبد في قوله - تعالى - : * ( عَلى عَبْدِنا ) * محمد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم وفي إضافته إلى اللَّه - تعالى - تنبيه على شرف منزلته عنده ، واختصاصه به . وفي ذكره صلَّى اللَّه عليه وسلَّم باسم العبودية ، تذكير لأمته بهذا المعنى ، حتى لا يغالوا في تعظيمه فيدعوا
( 1 ) تفسير الكشاف ج 1 ص 97 .
75
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 75