نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 637
* ( خالِدُونَ ) * التي تدل على طول المكث . ثم بين - سبحانه - سوء عاقبة المرابين ، وحسن عاقبة المتصدقين فقال : * ( يَمْحَقُ اللَّه الرِّبا ويُرْبِي الصَّدَقاتِ ) * والمحق : النقصان والإزالة للشيء حالا بعد حال ، ومنه محاق القمر ، أى انتقاصه في الرؤية شيئا فشيئا حتى لا يرى ، فكأنه زال وذهب ولم يبق منه شيء . أى : أن المال الذي يدخله الربا يمحقه اللَّه ، ويذهب بركته ، أما المال الذي يبذل منه صاحبه في سبيل اللَّه فإنه - سبحانه - يباركه وينميه ويزيده لصاحبه . قال الإمام الرازي عند تفسيره لهذه الآية ما ملخصه : اعلم أنه لما كان الداعي إلى التعامل بالربا تحصيل المزيد من الخيرات ، والصارف عن الصدقات الاحتراز عن نقصان المال ، لما كان الأمر كذلك بين - سبحانه - أن الربا ، وإن كان زيادة في الحال إلا أنه نقصان في الحقيقة ، وأن الصدقة وإن كانت نقصانا في الصورة إلا أنها زيادة في المعنى ، واللائق بالعاقل أن لا يلتفت إلى ما يقضى به الطبع والحس والدواعي والصوارف ، بل يعول على ما أمر به الشرع . ثم قال : واعلم أن محق الربا وإرباء الصدقات يحتمل أن يكون في الدنيا وأن يكون في الآخرة . أما محق الربا في الدنيا فمن وجوه : أحدها : أن الغالب في المرابى وإن كثر ماله أن تؤول عاقبته إلى الفقر ، وتزول البركة عنه ، ففي الحديث : الربا وإن كثر فإلى قل . وثانيها : إن لم ينقص ماله فإن عاقبته الذم والنقص وسقوط العدالة وزوال الأمانة . وثالثها : إن الفقراء يلعنونه ويبغضونه بسبب أخذه لأموالهم . . . ورابعها : أن الأطماع تتوجه إليه من كل ظالم وطماع بسبب اشتهاره أنه قد جمع ماله من الربا ويقولون : إن ذلك المال ليس له في الحقيقة فلا يترك في يده . وأما أن الربا مسبب للمحق في الآخرة فلوجوه منها أن اللَّه - تعالى - لا يقبل منه صدقة ولا جهادا ولا صلة رحم - كما قال ابن عباس - ، ومنها أن مال الدنيا لا يبقى عند الموت بل الباقي هو العقاب وذلك هو الخسران الأكبر . وأما إرباء الصدقات في الدنيا فمن وجوه : منها : أن من كان للَّه كان اللَّه له ، ومن أحسن إلى عباد اللَّه أحسن اللَّه إليه وزاده من فضله ، ومنها أن يزداد كل يوم في ذكره الجميل وميل القلوب إليه ، ومنها أن الفقراء يدعون له بالدعوات الصالحة وتنقطع عنه الأطماع .
637
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 637