responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 636


وقوله : * ( وأَمْرُه إِلَى اللَّه ) * أى أمر هذا المرابى الذي تعامل بالربا قبل التحريم واجتنبه بعده ، أمره مفوض إلى اللَّه - تعالى - فهو الذي يعامله بما يقتضيه فضله وعفوه وكرمه .
قال ابن كثير : قوله * ( فَمَنْ جاءَه مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّه ) * . . إلخ أى من بلغه نهى اللَّه عن الربا فانتهى حال وصول الشرع إليه فله ما سلف من المعاملة لقوله : عَفَا اللَّه عَمَّا سَلَفَ وكما قال النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم يوم فتح مكة : « وكل ربا في الجاهلية موضوع تحت قدمي هاتين وأول ربا أضع ربا عمى العباس ، ولم يأمرهم برد الزيادات المأخوذة في حال الجاهلية بل عفا عما سلف كما قال - تعالى - : * ( فَلَه ما سَلَفَ وأَمْرُه إِلَى اللَّه ) * أى فله ما كان قد أكل من الربا قبل التحريم » « 1 » .
و « من » في قوله : * ( فَمَنْ جاءَه مَوْعِظَةٌ ) * شرطية وهو الظاهر ، ويحتمل أن تكون موصولة .
وعلى التقديرين فهي في محل رفع بالابتداء ، وقوله : * ( فَلَه ما سَلَفَ ) * هو الجزاء أو الخبر ، و * ( مَوْعِظَةٌ ) * فاعل جاء ، وسقطت التاء من الفعل للفصل بينه وبين الفاعل أو تكون الموعظة هنا بمعنى الوعظ فهي في معنى المذكر وقوله : * ( مِنْ رَبِّه ) * جار ومجرور متعلق بجاءه ، أو بمحذوف وقع صفة لموعظة وفي قوله : * ( مِنْ رَبِّه ) * تفخيم لشأن الموعظة ، وإغراء بالامتثال والطاعة لأنها صادرة من اللَّه - تعالى - المربى لعباده .
وفي هذه الجملة الكريمة بيان لمظهر من مظاهر السماحة فيما شرعه اللَّه لعباده ، لأنه - سبحانه - لم يعاقب المرابين على ما مضى من أمرهم قبل وجود الأمر والنهى ، ولم يجعل تشريعه بأثر رجعي بل جعله للمستقبل ، إذ الإسلام يجب ما قبله . فما أكله المرابى قبل تحريم الربا فلا عقاب عليه فيه وهو ملك له ، إلا أنه ليس له أن يتعامل به بعد التحريم ، وإذا تعامل به فلن تقبل توبته حتى يتخلص من هذا المال الناتج عنه الربا .
ولقد توعد اللَّه - تعالى - من يعود إلى التعامل بالربا بعد أن حرمه اللَّه - تعالى - فقال * ( ومَنْ عادَ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ ) * .
أى ومن عاد إلى التعامل بالربا بعد أن نهى اللَّه عنه فأولئك العائدون هم أصحاب النار الملازمون لها ، والماكثون فيها بسبب تعديهم لما نهى اللَّه عنه .
وفي هذه الجملة الكريمة تأكيد للعقاب النازل بأولئك العائدين بوجوه من المؤكدات منها :
التعبير فيها بأولئك التي تدل على البعيد فهم بعيدون عن رحمة اللَّه ، والتعبير بالجملة الاسمية التي تفيد الدوام والاستمرار والتعبير ، بكلمة أصحاب الدالة على الملازمة والمصاحبة ، وبكلمة


( 1 ) تفسير ابن كثير ج 1 ص 327 .

636

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 636
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست