نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 497
والثاني : أن تكون بمعنى في أى المكان الذي نهيتم عنه في الحيض . ورجح بعضهم هذا بأنه ملائم لقوله * ( فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ ) * « 1 » . وعلى كلا القولين فالمقصود أن يأتى الرجل زوجته في المكان الفطري الطبيعي لتلك العلاقة الجنسية ، وهو القبل إذ هو مكان البذر والإنسال ، ولا يخرج عن ذلك إلا الذين أصيبوا بشذوذ في عقولهم ، وضعف في دينهم . . ثم ختم - سبحانه - الآية بقوله : * ( إِنَّ اللَّه يُحِبُّ التَّوَّابِينَ ويُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ) * والتواب صيغة مبالغة من تائب بمعنى راجع إلى ربه إذا زل وهفا . والمتطهر : هو الإنسان المتنزه عن الفواحش والأقذار . أى : إن اللَّه - تعالى - يحب عباده الذين يكثرون الرجوع إليه إذا ما ظلموا أنفسهم بسيئة من السيئات ، والذين يصونون أنفسهم وينزهونها عن المعاصي والآثام ، ويرضى عنهم في الدنيا والآخرة . قال الآلوسى : * ( إِنَّ اللَّه يُحِبُّ التَّوَّابِينَ ) * مما عسى يبدر منهم من ارتكاب بعض الذنوب كالإتيان في الحيض المستدعى لعقاب اللَّه - تعالى - فقد أخرج الإمام أحمد والترمذي والنسائي عن أبى هريرة عن النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قال : « من أتى حائضا فقد كفر بما أنزل على محمد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم وهو جار مجرى الترهيب فلا يعارض ما أخرجه الطبراني عن ابن عباس قال : جاء رجل إلى النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم فقال : يا رسول اللَّه ، أصبت امرأتى وهي حائض فأمره رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم أن يعتق نسمة » وهذا إذا كان الإتيان في أول الحيض والدم أحمر ، أما إذا كان في آخره والدم أصفر فينبغي أن يتصدق بنصف دينار كما دلت عليه الآثار » « 2 » . ثم قال - تعالى - : * ( نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) * . روى الشيخان عن جابر قال : كانت اليهود تقول : إذا أتى الرجل امرأته من دبرها في قبلها ثم حملت كان ولدها أحول . فأنزل اللَّه - تعالى - قوله : * ( نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ ) * الآية . والحرث في الأصل : تهيئة الأرض بالحراثة لإلقاء البذر فيها . وقد تطلق كلمة الحرث على الأرض المزروعة كما في قوله - تعالى - أَنِ اغْدُوا عَلى حَرْثِكُمْ أى على حديقتكم لجمع ما فيها من ثمار .
( 1 ) حاشية الجمل على الجلالين ج 1 صفحة 179 . ( 2 ) تفسير الآلوسى ج 2 صفحة 124 وبتلخيص قليل .
497
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 497