نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 496
وروى مسلَّم عنها أيضا قالت : كنت أشرب وأنا حائض ، ثم أناوله النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم فيضع فاه على موضع فىّ فيشرب . وقوله : * ( حَتَّى يَطْهُرْنَ ) * بيان لغاية الاعتزال . وقرأ حمزة الكسائي * ( حَتَّى يَطْهُرْنَ ) * بفتح الطاء والهاء مع التشديد . ومعناه عند جمهور الفقهاء ولا تجامعوهن حتى يغتسلن ، لأن القراءتين معناهما واحد ، ولأن اللَّه - تعالى - قد علق الإتيان على التطهر فقال : * ( فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ ) * والتطهر هو الاغتسال . فالمرأة إذا انقطع حيضها لا يحل للزوج مجامعتها إلا بعد الاغتسال . ويرى الأحناف أن معنى * ( حَتَّى يَطْهُرْنَ ) * أى حتى ينقطع الدم ، لأنه إذا كان سبب الأذى هو الدم فانقطاعه طهور منه ، وبناء على ذلك فيجوز للرجل أن يباشر زوجته قبل أن تغتسل متى انقطع دمها لأقصى مدة الحيض ، وهو عشرة أيام . أخذا بالقراءة المشهورة * ( يَطْهُرْنَ ) * بالتخفيف . أما إذا انقطع الدم قبل ذلك فلا تحل مباشرتها إلا بالتأكيد من زوال الدم بعمل من جانبها وهو الاغتسال الفعلى ، لأن قراءة * ( يَطْهُرْنَ ) * بالتشديد عندهم معناها يغتسلن . وقال بعض الفقهاء يكفى في حلها أن تتوضأ عند انقطاع الدم . ولكل فريق أدلته المبسوطة في كتب الفقه . وفي هاتين الجملتين الكريمتين * ( فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ ولا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ ) * من سمو التعبير ، وبديع الكناية ما يغرس في نفس السامع حسن الأدب ، ويصون سمعه عن الألفاظ التي يجافى سماعها الأذواق السليمة ، وما أحوج المسلمين إلى التأسى بهذا الأدب الذي يحفظ عليهم مروءتهم وكرامتهم . ثم قال - تعالى - : * ( فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّه ) * أى : فإذا تطهرن من المحيض فجامعوهن في المكان الذي أمركم اللَّه بتجنبه في الحيض وهو القبل ولا تتعدوه إلى غيره . والأمر في قوله - تعالى - : * ( فَأْتُوهُنَّ ) * المراد به إباحة المباشرة ، لأن من المقرر عند العلماء أن الأمر بعد النهى يكون للإباحة ، خصوصا إذا كان الموضع موضع حل وإباحة لا موضع تكليف وإلزام ، وليس المراد به الحتم واللزوم ، لأن الإتيان مبنى على الرغبة والطاقة وشبه بهذا التعبير قوله - تعالى - : فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وقوله : وإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا . قال الجمل : ومن في قوله : « من حيث » فيها قولان : أحدهما : أنها لابتداء الغاية ، أى من الجهة التي تنتهي إلى موضع الحيض .
496
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 496